الأحد، 6 يونيو 2021

بنية النظرية التربوية ومصادرها ..!

 




إذا أردنا الحديث عن بنية النظرية التربوية، فمن الضروري بمكان فحص البنية الأساسية لهذه النظرية، ثم كيفية التحقق من هذه النظرية. وهنا يجب التمييز بين النظريات العامة للتربية من جهة، والنظريات المحددة للتربية من جهة أخرى.

 فالنظرية المحددة تشتمل في الأساس على إرشادات تعليمية تتعلق مثلا بأكثر طرق التدريس فاعلية. ومثال ذلك أن ما يُتعلم ينبغي أن يكون مرتبطا بالخبرة السابقة للتلميذ حتى يفهم ما هو جديد. وفي مثال آخر على المعلمين أن يتدرجوا في تقديم المادة التعليمية من المادي المحسوس إلى المجرد. وسميت نظريات محدده لأنها مقيدة بغاية محددة. وعلى الرغم من اتصال هذه النظريات بالتربية في جزء من اسلوبها، إلا أنها تعتبر نظريات تربوية متضمنة في نظريات أعم للتربية.

أما النظريات التربوية العامة فهي أكثر عمومية في مداها وأهدافها من النظريات المحددة. فهي لا تشتمل فقط على توصيات خاصة بطرق التدريس الناجحة، وإنما تشتمل كذلك على توصيات خاصة لإيجاد نمط معين من الأشخاص أو إيجاد مجتمع جديد. وهذا ما نجده عند أفلاطون وروسو، وجون استيورت مل، وديوي. فهؤلاء كانوا معنيين بصياغة الإنسان المتعلم، فامتدت إرشاداتهم ليس فقط إلى أفضل طرق التدريس وإنما إلى ما ينبغي تدريسه، والغرض من ذلك.(البخيت,(2007


عناصر بناء النظرية: (بوشامب، 1987)

يتضح مفهوم بناء النظرية من خلال الشكل التالي الذي يحتوي على مجموعة من الأحداث التي تكوّن النظرية بشكل طبيعي:





معايير وشروط بناء النظرية: (قلادة، 2006)

يمكن إجمال ما عبر عنه جراهام كينلوتسن حول معايير وشروط بناء النظرية في الآتي:






1.  الشكل الأساسي: إن أساس أي نظرية هو شكلها الذي تقوم عليه، ويتكون هذا الشكل من تصور خاص عن الظواهر موضع التفسير والعلاقات الأساسية التي يقوم عليها هذا التفسير، والتي تشرح الكيفية التي تعمل بها هذه الظواهر، ويتم تعريف هذه الظواهر موضع الدراسة في صورة مجردة تعريفًا دقيقًا يستند على عدد من المفاهيم، ويوجد افتراض بوجود علاقة علّية أساسية بين تلك الظواهر.

2.  مجموعة من التصورات: ينبغي أن يتضمن شكل النظرية مفاهيم محددة، بمعنى تصنيف أو إعطاء مسمى معين لفئة من الظواهر، وتحتاج هذه المفاهيم إلى تعريفات دقيقة، وإثبات علاقتها مع الشكل الأساسي.

3.  مجموعة من الأحكام (البديهيات والقضايا والفروض): إذ يحتاج الأمر إلى تقرير العلاقات المنطقية بين هذه المفاهيم، أي يتعين أن ترتبط هذه المفاهيم سويًّا برباط؛ إذ أن شكل ومستوى هذه العلاقات ينزع إلى التباين والاختلاف.

وقد تكون هذه العلاقات المنطقية بديهيات، وهي تقتضي أن هذه القضايا صحيحة في حد ذاتها أو فروض، وهي أحكام تحدد العلاقات بين المفاهيم في شكلها الإجرائي، وقد تكون هذه العلاقات سلبية أو مستقلة عن بعضها البعض.

ويعتمد بناء نظرية ما على أنواع أحكام العلاقات بين مكونات القضية أو العلاقات بين القضايا التي تتضمنها النظرية، وهكذا قد تكون النظرية بديهية (أي مجموعة من القضايا المحددة) أو قد تكون مجموعة من القضايا المتناسقة  (مجموعة من القضايا المستقرأة من البديهيات) أو قد تكون النظرية بناء يجمع بين قضايا استدلالية وقضايا بديهية بمعنى أنها تتكون من مجموعة من البديهيات والقضايا المستنبطة منها والمترابطة سويًّا، وقد تكون النظرية مجموعة من الافتراضات المترابطة، وهذه هذه الحالة لن تكون النظرية كاملة لغياب البديهيات والقضايا الأساسية.

4.   التعريفات الإجرائية ابتداءً من الفروض والمتغيرات والمؤشرات: إذ تدعو الحاجة إلى تعريف المفاهيم وأحكام العلاقات تعريفًا إجرائيًّا أو تجريبيًّا في صورة متغيرات ويتضمن كل متغير عددًا من المؤشرات الإمبريقية تحددها أداة البحث التي اختارها الباحث.

وتوجد فروق كبيرة بين النظريات العلمية وغير العلمية، أي مدى خضوع هذه النظريات للاختبار التجريبي للتحقق من صحتها بدلًا من الاتساق الأيدولوجية وأنساق الفكر المنغلقة على نفسها.

5.  الحاجة إلى منهج تجريبي لاختبار العلاقات الافتراضية بين المتغيرات والمؤشرات: وقد تشمل هذه الاختبارات مسوح الرأي العام، والملاحظة بأنواعها، وبالتالي فإن طبيعة المنهج المستخدم تفرضها أنواع المتغيرات المستنبطة من بناء النظرية، ومن ثم لا يكتشف هذا المنهج إلا بعد صياغة النظرية، ومهما كانت طبيعة هذا المنهج المستخدم فإنه مقيد بخصائص العينة المتاحة وأخطاء هذه العينة، ومستوى سيطرة الباحث وأخطاء القياس والأخطاء عند تحليل البيانات.

6.   تحليل البيانات: بعد جمع البيانات تبدأ مرحلة تحليل الفروض الأساسية للنظرية، ويعتمد هذا التحليل على تطبيق الأساليب الإحصائية لتحديد مستويات الارتباط بين المتغيرات، والمغزى الإحصائي للنتائج، وقد تكون هذه الإخبارات الإحصائية مضللة سواء طبقت بشكل سليم أو خطأ، علاوة على ذلك فإن تحليل البيانات يعتمد على طبيعة العينة ونوع المعلومات محل الاهتمام.

7.   تفسير النتائج: بعد تحليل البيانات يتعين على الباحث أن يتقدم خطوة لتفسير نتائج البيانات في ضوء النظرية التي يهتم بها، أي الشكل الأساسي والبديهيات والقضايا والفروض، وعلى الباحث اتخاذ حذره عند استخلاص النتائج من البيانات المحددة والمتاحة؛ لأن الاختبارات التجريبية والمناهج لا تقدم إلا نتائج غير مباشرة للبناء الأساسي للنظرية.

8.   تقييم البناء المنطقي والمنهجي والتجريبي للنظرية في ضوء تحليل البيانات وتفسيرها: وهنا يحاول المنظِّر إقامة نظريته في إطارين أساسيين، وهما:

 أ‌- كفاءة ومجال ومنطق البناء النظري.

ب‌- مستوى قابلية هذا البناء للاختبار والتنبؤ، ومدى زمنه عند خضوعه للاختبار والفحص التجريبي.

وبالتالي فإن التنظير عملية ديناميكية مستمرة، ويتضمن التغيير والتعديل المستمر بطرح عدد من البدائل في حالة إثبات صحة النظرية تجريبيًّا، وأهمها ما يلي:

أ‌-  فرض النظرية كلها.

ب‌- تعديل شكلها الأساسي.

ج- تطوير البديهيات والقضايا والفروض.

د- استبدال منهج جديد بالمنهج القديم.

 

العمليات في بناء النظرية:

من أهم العمليات في بناء النظرية استخدام اللغة الواضحة البسيطة المنتظمة، وحدد Mouly أربع سمات أساسية للنظرية الجيدة، هي:

  1. أن يسمح نظام النظرية بالاستنتاجات، وفحصها تجريبيًّا، وتوفر الوسائل للتفسير والتبرير.
  2. أن تكون النظرية قابلة للملاحظة، وملائمة للنظريات التي تمت صحتها.
  3. أن تصاغ النظرية في مصطلحات بسيطة، والنظرية الأفضل هي التي تفسير الأكثر وبصورة بسيطة.
  4. أن تتأسس النظرية على الحقائق والعلاقات القابلة للتجريب.

 

الأنشطة الأساسية لبناء النظرية: (قلادة، 2006)، (سعادة وإبراهيم، 2014)


هناك أنشطة رئيسة لبناء أي نظرية، ويحتاجها منظري المناهج على وجه الخصوص، وهي:

1.      تعريف المصطلحات DEFINTION OF TERMS

تعتبر من العناصر الأساسية في بناء النظرية، ويجب أن تعرَّف النظرية في ضوء شرطين: (وضوح

الصياغة، الملائمة في استخدام المصطلحات). حيث يمكن القول ان المصطلحات الأساسية

معّرفة تعريفًا بديهيًّا، بينما المصطلحات النظرية تعّرف إجرائيًّا.

وصنف برودبك Brodbeck التعريفات إلى نوعين :

تعريفات الأسمية: وهي تعطي الخاصية المرتبطة بالمصطلح أو المفهوم.

تعريفات إجرائية: وهي أكثر تعقيدًا، حيث تركز على ظروف التعريف.

ويوجد سببان رئيسان لأهمية تعريف المصطلحات وتحديدها، وهما:

أ‌-        تعيين حدود المادة العملية لصاحب النظرية.

ب‌-    ثبات استخدام المصطلحات المعرفة فيسهل التفسير والتنبؤ.

2.      التصنيف CLASSIFICATION

·         هو وسيلة لتنظيم وتكامل المصطلحات والمفاهيم.

·         يساعد على ملاحظة العلاقات بين العناصر المصنفة لكنه لا يفسرها.

·         يساعد في تجميع الحقائق والتعميمات في مجموعات متجانسة.

3.      الاستدلال والاستنتاج INDUCTION AND DEDUCTION

يعتبران عمليتين أساسيتين في تعريف المصطلحات وترتيب التصنيف، حيث أن:

عملية الاستدلال تعني الوصول من الجزء إلى الكل (حقائق – تعميمات).

عملية الاستنتاج يعني الوصول من الكل إلى الجزء (تعميمات – حقائق).

ولا نستطيع أن نعتبر أن أحدهما أفضل من الآخر، ولكنهما عمليتان مطلوبتان لتعريف النظرية.

4.      الاستنباط والتنبؤ والبحث INFERENCE, PREDICTION AND RESEARCH

الاستنباط: يعني الذهاب إلى ما وراء المعرفة أو ما راء المعلوم، وقد يتضمن اشتقاق فروض – والوصول إلى تعميمات.

التنبؤ: يتمثل في كيفية الحصول على معلومات أكثر، وعمل استنتاجات.

البحث: يعني البدء من المعلومات والوصول منه إلى غير المعلوم (المجهول).

وتؤدي العمليات الثلاثة السابقة إلى الوصول إلى قوانين جديدة، وتحديد العلاقات بين القوانين.

5- بناء النموذج وتكوين النظرية الفرعية:

يعتبر بناء النماذج عملية تستخدم باستمرار في التنظير، فهي أداة مساعدة في بناء النظرية، ويعتبر بناء نموذج ما طريقة لتمثيل ظواهر معينة وعلاقاتها، بمعنى أنها تستخدم لتمثيل حقائق وأحداث وتفاعلات بطريقة أكثر إحكامًا وتوضيحًا.



افتراضات بناء النظرية التربوية: 

أوضح ( ت.مور، 1986) أن بنية النظرية التربوية تشتمل على أنواع من الافتراضات نعرضها فيما يلي: 

(أ) افتراضات عن أهداف التربية:

تحتوي النظرية التربوية على افتراضات خاصة بالهدف أو الأهداف التي يراد تحقيقها، فالتربية وسيلة اجتماعية تهدف إلى تحقيق غايات مرغوبة، وأي نظرية عامة في التربية سوف تشتمل على افتراضات قيميه خاصة بالأهداف، وتتخذ هذه الأهداف صوراً شتى؛ فقد تكون أنماطاً للشخصية يراد بلوغها، أو أنماطاً للمجتمع يراد تحقيقها، أو أنماطاً تجمع بين هذين النوعين( ت.مور،1986، 36).

(ب) افتراضات عن الطبيعة الإنسانية:

كما تحتوي على افتراضات خاصة بالأشخاص الذين نسعى إلى تعليمهم، ومن الافتراضات الأساسية فيما يرى (ت.مور، 1987) أن سلوك الإنسان مرن إلى حد كبير، وأن ما يدرسه الأطفال سيكون له تأثير عليهم.

(ج) افتراضات عن طبيعة المعرفة وطرق التعليم:

إن أي نظرية عامة في التربية لابد أن تشتمل على افتراضات تتعلق بما ينبغي تعلمه، وأنسب الطرق المعينة على تعليمه (جاد، 2005، 65-66).

وقد أورد (موسى، 1998، 36) أن بنية النظرية تتكون من:

أولاً: أهداف وغايات تربوية مرغوبة ويجب تحقيقها، وأن تدلل هذه الأهداف على أنماط سلوكية يجب إكسابها للتلاميذ، وأن الغايات المقترحة ممكنة التحقيق.

ثانياً: اقتراح أفضل السبل والأساليب المعينة على بلوغ تلك الغايات في ظل ظروف معينة، مثل اقتراح طبيعة المعرفة، وطرق وأساليب للتدريس التي تؤدي إلى تحقيق تلك الغايات.

ثالثاً: يتم تحديد الأهداف والغايات في ضوء طبيعة وخصائص التلاميذ، وبافتراض أن سلوك الإنسان مرن إلى حد ما، وأن ما تُعلمه للتلاميذ سوف يكون له تأثير دائم عليهم.

رابعاً: اقتراح الأهداف والغايات في ضوء الافتراضات التالية:

أ – ماهية السلوك الإنساني    

ب- ماهية حاجات التلميذ   

جـ- ماهية المعرفة

د- ماهية حاجات المجتمع وثقافته    

هـ- ماهية المنهج الدارسي تخطيطاً وتنفيذاً

 

مصادر بناء النظرية التربوية: (موسى، 1998)

بما أن النظرية التربوية تتضمن جملة من الأهداف, والغايات, والوسائل الكفيلة بتحقيقها, وحيث أن النظرية التربوية وجِدت لخدمة مؤسسة اجتماعية ألا وهي المدرسة, وأن مجتمع المدرسة هم التلاميذ, يمثلون الأسر التي تشكل المجتمع, وحيث أن العملية التربوية التي تقترحها النظرية التربوية هي عملية إعداد للتلاميذ وفق مواصفات معينة اقتضتها ثقافة المجتمع وحاجاته الاقتصادية, والاجتماعية, والسياسية, والعلمية, والتقنية, وبمراعاة حاجات التلاميذ وخصائص نموهم وقدراتهم, فإن بناء النظرية التربوية يرتكز على العديد من المصادر وهي:

1- ثقافة المجتمع:

فلكل مجتمع ثقافة تشتمل على المعرفة والعقائد والأخلاق والقانون والعادات التي يكتسبها الفرد بوصفه عضوًا في المجتمع. وتعتبر التربية في حياة المجتمعات العمود الفقري في عملية نباء المجتمعات؛ لكونها تقوم بأدوار ووظائف مهمة في إعداد الأفراد؛ لكي يكونوا أعضاء نافعين فيها، ويأتي ذلك من خلال المدرسة التي تقوم بإعداد أفراد المجتمع وفقًا للمعايير والشروط والمواصفات التي يراها المجتمع كفيلة لضمان تماسكه، وحماية موروثاته الثقافية، ولسد حاجاته من القوى العاملة، كما ويعتبر المنهج الدراسي وسيلة التربية المدرسية والجانب التطبيقي لها، وبه يحقق المجتمع أهدافه وغاياته؛ لذلك فهو يحتاج إلى تخطيط دقيق، وتنفيذ واعٍ، ولا يحدث ذلك إلا بوجود رؤية أو تصور نظري عن حاجات المجتمع وثقافته. (موسى، 1998)

كما ويجب أن تخضع المناهج الدراسية في كافة المستويات التعليمية لطبيعة المجتمع من حيث فلسفته، وثقافته، وآماله التي يرجو تحقيقها في أبنائه، ولذلك تختلف المناهج الدراسية من مجتمع لآخر، بل وتختلف أيضاً في المجتمع الواحد من فترة إلى أخرى، وهذا يعني أن المناهج الدراسية تعبر عن المجتمع في كليته، ومن ثم نلحظ دائماً أن نوعية المناهج السائدة في معظم المجتمعات تعكس أنماط الفكر السائدة فيها. ( اللقاني، 1982، 89).

2- طبيعة المتعلم:

يعتبر المتعلم محور العملية التربوية، ومن أجله أُقيم النظام التعليمي، وإن أهداف التربية بصفة عامة، وأهداف المنهج الدراسي بصفة خاصة تستهدف باستمرار إحداث تغييرات سلوكية في سلوكياته وفقًا لحاجاته وحاجات المجتمع وثقافته، وأن تكون تلك السلوكيات المكتسبة دائمة في حياته العامة وقابلة للنمو. (موسى، 1998)

إن بناء الأهداف التربوية المراد تحقيقها في المتعلمين يتطلب معرفة خصائص نموهم وقدراتهم وفروقهم الفردية، واستعداداتهم، لأن استعداد المتعلم لما يتعلمه له تأثير كبير في تعديل سلوكه، وتيسير عمل المعلم في تعليمه، ويتضمن استعداد المتعلم نضج المتعلم، واهتمامه بما يتعلمه، ودافعيته له؛ حتى يكون لتعلمه جدوى في حياته. (قورة، 1975، 117)

 

      3- المجالات المعرفية ( طبيعة المحتوى):

تعتبر المعارف والمعلومات بكافة مجالاتها وأنواعها ومستوياتها من أهم الأشياء التي تقوم المدرسة بتعليمها للمتعلمين، وهي تمثل المحتوى الرئيسي للمناهج الدراسية والوعاء التطبيقي للتربية. وإن حسن اختيار المحتوى يؤدي إلى حسن تحقيق الأهداف التربوية للمدرسة وفقاً لـ ( Ronald doll, 1989, p134 ) فإن طبيعة المعارف أصبحت من أهم معايير اختيار المحتوى لثلاثة أسباب رئيسة هي:

  1. وصول التوسع المعرفي إلى درجة تستدعي ضرورة الاختيار لتدريس المفردات المعرفية ذات الأهمية, وإهمال غيرها.
  2. المختصون في المواد الدراسية لديهم الكثير للتحدث عن طبيعة مجالاتهم المعرفية, وعن كيفية تدريس تلك المجالات.
  3. أظهرت التجارب بأن المجالات المعرفية قديمها وحديثها يمكن وضعها في أماكن لم يفكر فيها سابقاً في فضاء حياة المتعلمين.

وفي ضوء التطور في المجالات المعرفية المختلفة وتزايدها بشكل كبير جداً, فإن معيار الأهمية يجب أن يستخدم بطريقة جدية. ولكن مصطلح الأهمية قد يحتاج إلى بعض التوضيح, أو إلى تعريف محدد وعملي في نفس الوقت. فالأهمية تعنى مدى قدرة المعرفة المختارة في تحقيق الهدف التربوي الذي من أجله اختيرت تلك المعرفة.

ويرى (العليوي، 2020) أن هناك مصادر أخرى لبناء النظرية التربوية، وتعمل كعنصر أساسي في نجاحها، وأثرها الإيجابي في العملية التربوية، وهي:

5.      متغيرات العصر والتطورات المحلية والعالمية: حيث مواكبة محاور النظرية التربوية لمتغيرات العصر تساعد على تحقيق أهدافها المنشودة في المتعلم، كما أن تناغم محاورها مع التطورات المحلية في منطقة المتعلم والتطورات العالمية تساعد على ربط أهداف النظرية التربوية بالواقع المحيط بالمتعلم، ومن ثم مخرج إيجابي قوي وهو المتعلم المتفاعل مع بيئته ومجتمعه.

6.      متطلبات سوق العمل: حيث أن عملية التربية والتعليم قائمة على إعداد المتعلم للحياة ولخدمة نفسه ومجتمعه، فكلما كانت النظرية التربوية مشتقة بدقة عالية من متطلبات سوق العمل، كلما كانت واقعية وأكثر ملائمة للمتعلم.


وتجدر الإشارة بأنه تم إيراد مصادر بناء النظرية التربوية لأن نظرية المنهج نظرية متفرعة من النظرية التربوية، وبالنظرية التربوية يتم تحديد الغايات والأهداف العامة للتربية، وبنظرية المنهج يتم اقتراح الخطوات والأساليب والإجراءات العملية لتحقيق تلك الغايات والأهداف العامة؛ فنظرية المنهج هي ذات صبغة عملية وفنية.

وقد أورد فوزي والكلزة (1983م, ص102-103) مجموعة من المعايير التي يجب مراعاتها عند اختيار محتوى المنهج الدراسي, وهي:

1- أهداف المنهج:

إن الموضوعات وأوجه النشاط التي يتكون منها المحتوى لا بد وأن تعبر تعبيراً حقيقياً, وصادقاً عن  المنهج, فيجب اختيار المادة الدراسية بحيث تساعد على تحقيق الأهداف العامة, والخاصة.

2- التعليم:

عند اختيار محتوى المنهج لا بد أن يختار على أساس النواتج التي تثبت قيمتها العلمية, وعلى أساس ارتباط هذا المحتوى بالحياة العامة للمتعلمين, أي أن المحتوى لا بد أن يكون صالحاً للاستعمال, وأن يكون واقعياً, وبعيداً عن الخيال.

3- الميول:

عند اختيار محتوى المنهج, وأوجه نشاطه ينبغي أن يُعطي اعتباراً لميول التلاميذ.

4- الفروق الفردية:

ينبغي أن يوجه محتوى المنهج وأوجه نشاطه للفروق الفردية بين التلاميذ, وذلك باختيار أنماط النشاط التعليمية التي تمثل درجات متنوعة من الصعوبة, تتحدى قدرات التلاميذ, وفي نفس الوقت تسمح لكل منهم بأن يُحصل قدراً من النجاح.

5- مراحل النمو:

يجب أن يكون المحتوى مناسباً لمرحلة النمو التي يمر بها التلميذ, فلكل مرحلة من المراحل لها خصائصها الجسمية, والانفعالية, والاجتماعية, والعقلية.

6- مناسبة المحتوى للإطار المرجعي للمجتمع:

يجب أن يكون ما نعلمه للطلاب منسجمًا مع الإطار المرجعي للمجتمع، بحيث يحدد الممارسات السلوكية العامة والخاصة.

7- إمكانية تعليمه:

وذلك من حيث أن ما نختاره ونعلمه للطلاب يجب أن يكون ممكن التعلم من قبل الطلاب، وتساعد ظروف وإمكانيات المدرسة على تعلمه بالصورة المطلوبة، كما أن كفايات المعلمين تكون متوفرة بالدرجة المطلوبة.

 

مكونات النظرية التربوية:

 

المكوِّن

العنصر

الوصف

مكونات النظرية التربوية

(1)

القسم النظري

أ- أصول النظرية التربوية

1.     أصول فلسفية: تبحث في غايات التربية.

2.     أصول نفسية: تبحث في ذات المتعلم وشخصيته.

3.     أصول اجتماعية وثقافية: تبحث في نظام المجتمع ومعتقداته.

4.     أصول سياسية واقتصادية: تبحث في تنمية الموارد البشرية والاقتصادية.

ب- فلسفة التربية

تركز على إكساب المتعلم تصورًا شاملًا حول قضايا: الوجود، والمعرفة، والقيم، وطبيعة الإنسان، وقدرته على ترجمة هذا التصول في سلوكه وعلاقاته مع الكون والإنسان والحياة.

ج- أهداف التربية

تتولد بشكل مباشر من فلسفة التربية، وتكون أكثر دقة وواقعية، وتتكون من: معلومات، ومهارات (عقلية وعملية)، وعادات، وقيم، وشبكة علاقات اجتماعية، يراد إكسابها للمتعلم.

(2)

القسم التطبيقي

أ- المنهاج

يعتبر الترجمة العملية لأهداف التربية.

ب- المؤسسات

1.     مؤسسات التنشئة: محورها الأسرة.

2.     مؤسسات التعليم: تبدأ من المدرسة وتنتهي بالجامعة.

3.     مؤسسات الإرشاد: كدور العبادة ومؤسسات الثقافة.

4.     مؤسسات التوجيه: محورها مؤسسات الإعلام.

5.     مؤسسات البيئة العامة: كمؤسسات الإدارة والأمن.

ج- الأساليب والوسائل

تتعلق بأساليب التدريس وطرقه والأنشطة التربوية القائمة بين المعلم والمتعلم، والوسائل المعينة على تحقيق أهداف التربية سواء أكانت مادية أو إلكترونية.

د- إنسان التربية

وهو النموذج الذي تسعى التربية لتحقيقه من حيث إعداد الفرد الصالح، ومواءمته مع المجتمع ومتغيراته، وخدمة المجتمع.

 

 

المراجع:

إبراهيم، فوزي طه و الكلزه، رجب أحمد (1982م). المناهج المعاصرة. القاهرة: مطابع الفن.

بخيت، عبد الرحيم محمد. (2007). الخطاب التربوي مقابل الخطاب السياسي في التغيير الاجتماعي، رسالة ماجستير، جامعة الخرطوم.

بوشامب، جورج. (1987). نظرية المنهج. ط1 [العربية]. ترجمة: ممدوح سليمان، وبهاء الدين السيد، ومنصور عبدالمنعم. الدار العربية للنشر والتوزيع.

جاد، مبروك عبدالعال (2005): النظرية التربوية عند باولو فريري، الاكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي، القاهرة.

سعادة، جودت أحمد وإبراهيم، عبدالله محمد. (2014). المنهج المدرسي المعاصر. ط7. عمّان: دار الفكر.

العليوي، هدى دلوه. (2020). النظرية التربوية الإسلامية. [ورقة بحثية غير منشورة]. جامعة الملك سعود. مسترجعة من: https://fliphtml5.com/bcii/xxju/basic

قلادة، فؤاد سليمان. (2006). نظرية المنهج والنموذج التربوي. مصر: مكتبة بستان المعرفة.

قورة، حسين سليمان (1975): الأصول التربوية في بناء المناهج، دار المعارف، القاهرة.

مور، ت، (1986م). النظرية التربوية. ترجمة: محمد أحمد الصادق وزميله. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.

موسى، عبد الحكيم موسى (1998): نظرية المنهج في ضوء واقع النظرية التربوية، المؤلف، مكة المكرمة.

اللقاني، أحمد حسين (1982): المناهج بين النظرية والتطبيق، عالم الكتب، القاهرة.

Doll, Ronald. (1989). Curriculum Improvement. Allyn and Bacon, Boston, Massachusetts, USA.