الأحد، 6 يونيو 2021

مصادر بناء النظرية التربوية الإسلامية ..!

 




إن التربية الإسلامية نظام متكامل في إعداد الفرد المسلم من جميع جوانبه الجسدية والعقلية والروحية والنفسية والاجتماعية، كما أنها تسهم في بناء المجتمع المتكامل في شخصيته وهويته، وهذا الإعداد محكوم بما جاء به الإسلام من قيم ومبادئ وتعاليم إلهية توجه سلوك الفرد والجماعات عملًا بقوله I: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: 14].

وقد بدأت نشأة التربية الإسلامية منذ نزول الوحي على النبي r؛ إذ بنزوله بدأت رسالة الإسلام، وهي مستمرة إلى قيام الساعة، تنهل من معين مصادرها الثابتة المتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وبهما تم تطور الفكر التربوي على مر العصور التي مر بها المسلمون، كما أنه تأثر بمراحل قوة المسلمين وازدهارهم، وعوامل ضعفهم وانكسارهم.

ومن هنا فإن هذه الورقة أتت لتلقي الضوء على مصادر النظرية التربوية الإسلامية، والجوانب التربوية في كل مصدر، وقد تم تصنيف تلك المصادر إلى ما يلي:

1.     مصادر ثابتة: تتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

2.     مصادر متغيرة: وسيتم تناولها من خلال منظور أصول الفقه من جهة، ومن جهة أخرى من منظور الثقافة والمتغيرات المعاصرة.

المحور الأول- المصادر الثابتة:

أولًا- القرآن الكريم:

اختلف العلماء في لفظ "القرآن" وذهبوا في اختلافهم مذاهب شتى، ويرى بعض الباحثين أن "قرآن" مأخوذ من "قرأ" بمعنى "تلا" وهذا الفعل أصله في اللغة الأرامية، ثم دخل العربية قبل الإسلام بزمن طويل، والقرآن مصدر بمعنى "القراءة"، ومنه قوله I: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: 18]، والمعنى إذا تلوناه بواسطة جبريل، فاتبع قراءته. (الحامد وآخرون، 2004)

وهو الكلام المعجز المنزل على النبي r، المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته، وهو كتاب الله تعالى، أوحى به إلى نبيه محمد r لينقذ الناس به وليعلمهم التوحيد، بيَّن الله فيه من الأحكام ما بيَّن، وبيَّن فيه من الفضائل ما بها صلاح الأمة، به سعادة الإنسان في الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وهو أفضل الكتب السماوية التي أُنزلت على الرسل، وأجمعها للخير، وأوفاها لحاجة البشر، وأبقاها على الدهر، مصدقًا لما قبله من الكتب السماوية الأخرى، ومهيمنًا عليها، وهو دعوة الحق لسائر الخلق إلى يوم الدين، لا إيمان إلا به، ولا نجاة من الآخرة إلا في اتباعه، يقول I: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85].

وهو المعجزة الكبرى الدالة على صدق الرسالة والدعوة العظمى منه تعالى إلى التوحيد والإسلام، الباقية والقائمة ما بقي الدهر، وقد حث النبي r أصحابه خاصة والمسلمين عامة في كل العصور على أن يتخذوه إمامًا لهم، يقتدون به ويخضعون لحكمه، ويجتهدون في تعلمه وتفهم أسراره وتدبر معانيه. وقد تحدى به الله تعالى الإنس والجن، وأفحم به جميع أهل الزيغ والطغيان، وجعله ربيعًا لقلوب أهل البصائر والعرفان، وقد تكفَّل بحفظه وأودعه في صدور المؤمنين الأطهار، ومن نعيم فضله على عباده أن بيَّن فيه من الآيات ما يدل على فضائل القرآن، ومن ذلك قوله I: ﴿إِنَّ هـذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا﴾ [الإسراء: 9].

وكان للقرآن الكريم وقع عظيم وأثر تربوي بالغ في نفوس المسلمين؛ إذ بدأ نزوله بآيات تربوية فيها إشارة إلى أن أهم أهدافه تربية الإنسان بأسلوب حضاري فكري، وذلك عن طريق الاطلاع والقراءة والتعلم، ومن ذلك قوله I: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 1-5].  (السعدون، 2012)

ويعد القرآن الكريم دستور حياة المجتمع المسلم، ولذا فمن الطبيعي أن نلمس فيه ثراءً واسعًا يشمل جوانب متعددة عن الحياة الدنيا وما بعدها، ومما اشتمل عليه القرآن الكريم من محتويات ما يلي:

أ- العقائد: وهذه كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهذه العقائد هي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر.

ب- الأخلاق الفاضلة: ومنها الآداب والقيم والمثل العليا، ومن أمثلتها: طهارة النفس، والعفة، والصدق، والتواضع، والإيثار.

ج- الإرشاد إلى النظر والتدبر في ملكوت السماوات والأرض: ومن ذلك الآيات الكونية، والآيات التي تحض على التفكر في المخلوقات.

د- قصص الأولين: ومنها قصص الأنبياء، والقصص القرآني، ولها مرامي وأهداف عقدية وتربوية واجتماعية عديدة.

هـ- أحكام عملية: وهذه هي الأحكام المتعلقة بالصلاة والصوم والزكاة والحج ونحو ذلك، وكذلك أحكام المعاملات، والأحكام المتعلقة بالعلاقات الإنسانية عامة. (الحامد وآخرون، 2004)

ومن نماذج حجية القرآن التربوية ما يلي: (الحامد وآخرون، 2004)

أ- تكريم الإنسان: حيث يقول I: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 30]، ومن مظاهر هذا التكريم ومدلولها التربوي ما يلي:

§       منحة العقل والتفكير: فتلك ميزة كبرى وقوة تعين الإنسان على السعي والعمل وتسخير المخلوقات.

§       منحة التعليم والتعلم: فلقد وهب الله U الإنسان الاستعداد للتعليم، ومنحه كذلك أدوات التعلم (الحواس، العقل، الفؤاد).

§       منحة الإرادة وحرية الاختيار: فيقول I: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 10]، فالإنسان بذلك لديه إمكانية لاختيار أوجه الخير في الحياة، وبذلك يقترب من المولى U.

§       لا تمايز إلا بالتقوى: فالقرآن لا ينظر إلى جدارة الأفراد بناءً على فوارق شخصية (ذكورة، أنوثة، سواد أو بياض)؛ فالكل عباد مطالبون بالعقيدة وما أنزل الله من شرع، وأكرمهم عند الله أتقاهم، وكلهم أناس ينظرون ويفكرون ويعلمون، لا حجر على أحد في أن ينظر ويعمل، ولا حجر على أحد في أن ينتفع، وأسعدهم في الدنيا العاملون المخلصون المؤمنون.

§       حسن الخلق والتكوين: فيقول r: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، فهناك ثمة فوارق بين الإنسان وغيره من الكائنات الأخرى جعلته مقدرًا ومميزًا ومتفردًا في هيئته، ومشيئته، وتناسق تكوينه، وسماته النفسية والجسمية والعقلية والخلقية.

§       أمر I الملائكة بالسجود له: وهذا من مظاهر تكريمه.

ب- احترام عقل الإنسان: فإذا كان الإنسان هو موضوع التربية؛ فإن القرآن جاء ليكرم الإنسان باحترامه لعقله، حيث أنه هو الأداة التي بها يفهم ويتأمل ويتفكر ويتعلم، فالعقل هو ميزة الإنسان البشري عن الحيوان الأعجمي، وبه صار الإنسان أهلًا للخلافة عن الله U، يقول r: ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 100].

وفي مقابل إشادة القرآن بالعقل، فقد نعى على أولئك الذين يجحدون نعمة العقل ولا يستعملونه فيما خُلق من أجله، فيقول r: ﴿وَلَقَد ذَرَأنا لِجَهَنَّمَ كَثيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُم قُلوبٌ لا يَفقَهونَ بِها وَلَهُم أَعيُنٌ لا يُبصِرونَ بِها وَلَهُم آذانٌ لا يَسمَعونَ بِها أُولـئِكَ كَالأَنعامِ بَل هُم أَضَلُّ أُولـئِكَ هُمُ الغافِلونَ [الأعراف: 179]، والمراد بالقلوب هنا العقول.

وقد استخدم القرآن الكريم أفضل الأساليب التربوية في التعليم بدءًا بالإقناع العقلي الإنساني المقرون بإثارة العواطف، وتواصلًا بالإقناع المحسوس، وضرب الأمثلة بالأمور المسلَّمة، وانتهاءً باستخدام مجموعة من الأساليب المتنوعة المشوِّقة كالأسلوب القصصي والاستفهامي والحواري والخبري ونحوه.

ج- الحث على التعلم والتعليم: يولي القرآن أهمية بالغة للعلم باعتباره أساسًا لحركة الإنسانية ونمائها، والإنسان لا يولد مزودًا بالعلم، وهو لا يمنح له إلا نتيجة سعي ونشاط في سبيل تحصيله، يقول r: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: 20-21].

والدعوة إلى التعلم والتعليم في القرآن الكريم دعوة للتدبر في مخلوقات الله، والتزود بكافة أنواع المعرفة ومجالاتها المتصلة بكل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم.

د- النظرة الواقعية للفطرة البشرية: ولا يقصد بالنظرة الواقعية هنا أن القرآن الكريم يساير واقع الإنسان من حيث رغباته وميوله وانفعالاته، وإنما يقصد بذلك أن القرآن اعترف بهذا الواقع، ولم يضع من المبادئ والقواعد ما يقهره ويكبته، ووضع هذا الواقع في إطار يسمو بالإنسان على غرائزه وشهواته.

ولعل من مظاهر مراعاة الفطرة البشرية ما يلي:

§       الضبط لا الكبت: ومن ذلك مثلًا أن الإنسان من طبيعته الميل إلى الجنس الآخر، وهنا يبيح الإسلام إشباع الجانب الجنسي بالطريق المشروع، أي في إطار الزواج والأسرة، بينما يحرم ما دون ذلك؛ لأنه خروج عن الفطرة السوية، ولقد أباح الإسلام التمتع كذلك بالزينة والطعام من غير إسراف ولا إمساك.

§       مراعاة حب الإنسان للذة ونفوره من الشقاء: فالإنسان المؤمن الصادق يريد أن يرى نتيجة عمله ويحصد الجزاء اللائق، ولذلك يقول I: ﴿وَعَدَ اللَّـهُ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدنٍ وَرِضوانٌ مِنَ اللَّـهِ أَكبَرُ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾ [التوبة: 72].

§       لا إكراه في الدين: فالله U لم يرد للإنسان أن يقهر على العقيدة، ولكن اختار طريق البرهان العقلي، وفي هذا مراعاة للفطرة، حيث يميل الإنسان إلى أساليب الإقناع العقلي في كل أمر من أموره، وينفر من الضغط والقهر والإملاء.

§       كل ابن آدم خطّاء: فالله U خلق الإنسان وهو أعلم به من نفسه، وفي هذا يقول الرسول r: "كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ" [صحيح]، ومن هذا الحديث يتضح قابلية الإنسان للخطأ الناجم عن طبيعته، فلدى الإنسان نقائص كالنسيان، والسهو والغرور، والانفعال، وهذه قد تفضي به إلى ارتكاب الأخطاء، على أن عفو الله قريب ويناله أولئك الذين عقدوا العزم على التوبة الصادقة.

§       التيسير ورفع الحرج: فمن واقعية النظر إلى الفطرة الإنسانية تقدير الطاقة والقدرة للإنسان، والتي تتفاوت بين بني البشر، وفي هذا يقول I: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: 286].

§       وقد يكون من العباد من يعاني من عاهة أو مرض، فهنا يرفع عنه الحرج؛ يقول I: ﴿لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ [الفتح: 17].

§       وفي جميع الأحوال فالإسلام يميل بالإنسان إلى اتباع أيسر السبل في كل أمر من أموره؛ يقول I: ﴿يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].

هـ- التوجيه العملي: إذا كان العلم قيمة عليا رفع من قدرها القرآن الكريم؛ فإن العمل هو الترجمة الحية والتجسيد العملي لنظريات العلم؛ ذلك أن العقيدة على المستوى النظري تحتاج إلى العمل ليعبر عنها ويبرزها من نية الضمير إلى عمل في الحياة على شكل عبادة قانتة من صيام وحج وجهاد وصلاة.

وللعمل في القرآن مكانة مرموقة وليس أدل على ذلك من ذكر القرآن الكريم الإيمان مقرونًا بالعمل في أكثر من سبعين آية من آياته، ولم يكتف بمجرد العمل؛ ولكنه يطلب عمل الصالحات، وهي كلمة جامعة من جوامع القرآن تشمل كل ما تصلح به الدنيا والدين، وما يصلح به الفرد والمجتمع، وما تصلح به الحياة الروحية والمادية معًا.

ولعله من الأهمية إبراز مكانة العمل واحترام المهنة في القرآن الكريم، وذلك فيما يلي:

§       مناسبة العمل للإنسان العامل: فقد حرص الإسلام على أن يمنع إرهاق العامل وتحميله أكثر مما يطيق؛ بمعنى أن يكون العمل متفقًا مع طاقات الفرد الجسمية والذهنية ومع حالته النفسية، ويتضح ذلك في قوله I: ﴿لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها﴾ [الأعراف: 42].

§       إتقان العمل: وهذه قيمة عليا اهتم بها القرآن، ويرتبط بتحققها الأمانة وحسن أداء العمل لإخراجه في أفضل صورة، ونجد هذا المعنى في قوله I: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص: 26].

§       تقدير العمل مهما كان نوعه: وهذا المعنى يشيع في القرآن في تلك الآيات العديدة التي تشير إلى الصناعات الشائعة بين العرب بشيء من التقدير، فهي مهنة بعض الأنبياء، وهي صور من نعم الله U التي سخرها للإنسان، ومنها صناعة المعادن والتعدين، والجلود، والمفروشات، والبناء، والزراعة، وبعض الآلات الحربية كقوله I: ﴿وَعَلَّمناهُ صَنعَةَ لَبوسٍ لَكُم لِتُحصِنَكُم مِن بَأسِكُم﴾ [الأنبياء: 80].

§       التوكل على الله لا يعني التواكل والكسل: وفي هذا يقول I: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3]، فالتوكل أمر مطلوب مع الأخذ بالسعي وعدم التراخي في أداء الأعمال والأخذ بالأسباب.

و- البناء الخلقي: لقد أتى القرآن الكريم بمبدأ إيجابي أساسي كيما يكمّل منهاج الأخلاق، ذلك المبدأ هو "لزوم مقاومة الشر"، وفي ذلك يقول I: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [آل عمران: 110].

والبناء الأخلاقي لابد أن يستند على فكرة الإلزام، فهو القاعدة الأساسية التي يدور حولها كل النظام الأخلاقي، ذلك أنه إذا لم يعد هناك إلزام، فلن تكون هناك مسؤولية، وإذا عدمت المسؤولية فلا يمكن أن تعود العدالة، وحينئذٍ تتفشى الفوضى وتعم الهمجية.

والمسؤولية الخلقية لا تنحصر فقط في عالم الواقع، وتنتهي بانتهاء حياة الإنسان، بل إن الإسلام يوسع من مفهومها لتشمل مسؤولية الإنسان أمام خالقه في الحياة الأخرى، ويتضح هذا في قوله I: ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير: 13-14].

ولعل التربية على المسؤولية كانت بمثابة الهدف والمنهاج الذي اتبعه المصطفى r في تربيته لأصحابه، فجاء نهجه تطبيقًا عمليًا للمسؤولية الخلقية كما أوضحها القرآن الكريم.

وفي معرض حديث القرآن عن قيمة الأخلاق الفردية والاجتماعية، فإنه قد وضع مجموعة من المبادئ الأخلاقية، وهي:

1.    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

2.    الدعوة إلى الخير، يقول I: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْر﴾ [آل عمران: 104].

3.    العمل الصالح.

ولعل كافة هذه المبادئ والتوجيهات الأخلاقية التي يعلنها القرآن تتجسد في البناء الخلقي للمسلم الذي يتحلى بالفضائل والقيم والمثل العليا، كالصدق والأمانة والإيثار، والتقوى ... إلخ.

 

ثانيًا- السنة النبوية الشريفة:

السنة في اللغة تطلق على السيرة والطريقة حسنة كانت أو قبيحة، يقول r: "مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً فلهُ أجرُها ، وأجرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أُجورِهمْ شيءٌ ، ومَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيِّئةً فعليهِ وِزرُها ، ووِزرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أوْزارِهمْ شيءٌ" [صحيح]

وقد استعملت السنة في القرآن بمعنى الطريقة، يقول I: ﴿سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا﴾ [الفتح: 23].

ويمكن تعريف السنة النبوية الشريفة اصطلاحًا بأنها كل ما صدر عن النبي r غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلُقية أو خلْقية  أو سيرة سواء كان قبل البعثة أو بعدها، فهي بهذا الاعتبار دليل من أدلة الأحكام ومصدر من مصادر التشريع، ويشمل القول كل ما تحدث به النبي r في مختلف المناسبات مما يتعلق بتشريع الأحكام، ويشمل الفعل كل ما نقله الصحابة من أفعال النبي r في شؤون العبادة وغيرها، كأداء الصلوات ومناسك الحج وآداب الصيام وقضائه، أما التقرير فيشمل كل ما أقره النبي r من أفعال صدرت عن بعض أصحابه بسكوت منه مع دلالة الرضا، أو بإظهار استحسان وتأييد.

وتمثل السنة النبوية الشريفة لدى المسلمين المصدر الثاني للتشريع في كل مجالات الحياة، وليس في الجانب التربوي فحسب، فالسنة النبوية الشريفة هي وعاء النظرية التربوية الإسلامية بعد القرآن الكريم، وقد حفظ الصحابة y نصوصها وشرحها وبيان معانيها للناس وذلك عملًا بقوله I: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: 7]، وكذا قوله I: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]. (الكيلاني، 1985)

كما أن مكانتها في التشريع الإسلامي حقيقة يقررها القرآن الكريم في آيات عديدة منها قوله I: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 80].

كما أن السنة جاءت في الأصل لتحقيق هدفين، هما:

1.    إيضاح ما جاء في القرآن الكريم، وإلى هذا المعنى أشار القرآن الكريم في قوله  I: ﴿وَأَنزَلنا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيهِم﴾ [النحل: 44].

2.    بيان تشريعات وآداب أخرى كما ورد في قوله I: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [الجمعة: 2]، أي أن السنة كما فسرها الإمام الشافعي – رحمه الله – هي الطريقة العلمية التي بها تتحقق تعاليم القرآن، وورد عن الرسول r أنه قال: "إنِّي أوتيتُ القرآنَ ومثلَهُ معَهُ" [صحيح].

وللسنة في المجال التربوي فائدتان عظيمتان، هما:

1.    إيضاح المنهج التربوي الإسلامي المتكامل الوارد في القرآن الكريم، وبيان التفاصيل التي لم ترد في القرآن الكريم.

2.    استنباط أسلوب تربوي من حياة النبي r مع أصحابه ومعاملته مع الأولاد وغرسه الإيمان في النفوس. (السعدون، 2012)

ومن التوجيهات التربوية التي يمكن استخلاصها من السنة التربوية ما يلي:

1.    الدعوة إلى طلب العلم: فقد بيّن النبي r منزلة العلم وحضَّ على طلبه فقال: " من يُردِ اللهُ يهْدِه يُفقِّهْه في الدِّينِ" [صحيح]، وجعل طلب العلم الشرعي الذي يحتاج إليه المسلم بتعليم أمور دينه فريضة على المسلم فقال: "طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٌ" [ضعيف].

ويأتي في مقدمة العلوم؛ العلوم الشرعية بما تتضمنه من تبيان لأحكام الشريعة ومقاصدها، وبعد هذا يجيء العلم بكل أشكاله ما دام ينفع الناس وينمّي عطايا الحياة، كما جعل النبي r الطريق إلى العلم طريقًا في الوقت نفسه إلى الجنة؛ فيعطي العلم بذلك من التقدير والاهتمام ما يجعله لا يقل شأنًا عن تلك الفروض التي فرضها الإسلام على المسلمين.

2.  النهي عن الحديث بلا علم: فلقد نهى النبي r الناس عن أن يتحدثوا فيما لا يعلمون، كما حذّر r من الظن، وهو القول الذي لا يستند إلى دليل على صحته، والذي يحتمل الصدق والكذب، حيث قال r: " يَّاكُم والظَنَّ؛ فإنَّه أَكْذَبُ الـحَديثِ" [صحيح]، وهكذا فإن النبي r يعلم أصحابه التثبت من الأحكام، والتدبر والتروي والتأمل العقلي قبل أن يتخذ الإنسان قرارًا أو يطلق حكمًا؛ ومن ثَمَّ فالمغزى التربوي هو أن يتم تعليم الناشئة الأسلوب الصحيح للتحقق من المعلومات خاصة في عصرنا الحاضر الذي تعددت فيه مصادر المعرفة والمعلومات.

3.  تقدير العلماء ودورهم في البحث والتعليم: وفي هذا يقول النبي r: " العلماءُ ورثةُ الأنبياءِ" [صحيح]، وهناك أحاديث أخر تدل على مكانة العلماء ودرجة تقديرهم في السنة النبوية، نظير ما قدموه من بحث ودراسة والكشف عن الجديد من جهة، ومن جهة أخرى إشاعة ونشر ما توصلوا إليه ليعرفه سائر الناس ويتعلموه.

4.  أن المعلم – قدوة: قدوة المسلمين تتمثل في شخصية النبي r بكل ما يتصف به من مبادئ الإسلام وقيمه وتعاليمه، ولقد علم الله U أن رسوله  r ينبغي أن يكون متصفًا بأعلى الكمالات النفسية والخلقية والعقلية، حتى يأخذ الناس عنه ويقتدوا به ويتعلموا منه ويستجيبوا له؛ يقول I: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وتأسِّيًا بالرسول r ينبغي أن يكون سلوك المربي المسلم في عمله مع طلابه وفي كافة أقواله وتصرفاته موافقًا لقدوة الرسول r.

ويمكن استخلاص ما سبق بالقول أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يتضمنان أصولًا تربوية معينة تشكل أسس النظرية التربوية الإسلامية وتميزها عن غيرها من النظريات المختلفة، ويلاحظ على هذه الأصول أنها خطوط عريضة تسمح بالاجتهاد وتساير التطور وتلبي حاجات المجتمع لبناء نظرية تربوية ذات فلسفة متميزة وأهداف واضحة محددة، وبناء نظام تربوي يهيئ ناشئة المجتمع الإسلامي ليجسدوا هذه الأهداف في وجودهم الخاص، وفي تعاملهم مع الآخرين، وتفاعلهم مع الأحداث والوقائع عبر الزمان والمكان. (الكيلاني، 1985)

 

المحور الثاني- المصادر المتغيرة:

أولًا- المصادر المتغيرة من منظور أصول الفقه:

الآخرين، يقول I: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً﴾ [النساء: 59].

وقد تعددت تلك المصادر؛ فالبعض تناولها من منظور أصول الفقه، وقسمها إلى نوعين: (الغامدي، 1418)

أ- مصادر نقلية، وهي:

1.    الإجماع: ويعني اتفاق جميع المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول r  على حكم شرعي في واقعة.

2.    العرف: وهو ما تعارف عليه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك دون أن يعارض كتابًا أو سنة، ويسمى العادة.

3.    قول الصحابي.

4.    شرع من قبلنا.

ب- مصادر عقلية، وهي:

1.    القياس: وهو إلحاق واقعة لا نص على حكمها بواقعة ورد نص بحكمها بالحكم الذي ورد به النص لتساوي الواقعتين في علّة هذا الحكم.

2.    الاستحسان ومقاصد الشريعة: والاستحسان هو عدول المجتهد عن مقتضى قياس جليٍّ إلى مقتضى قياس خفيّ، أو عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لدليل انقدح في عقله ورجّح لديه هذا العدول؛ فإذا عرضت واقعة ولم يرد نص بحكمها وللنظر فيها وجهتان مختلفتان إحداهما ظاهرة تقتضي حكمًا والأخرى خفية تقتضي حكمًا آخر، وقام بنفس المجتهد دليل رجّح وجهة النظر الخفية، فعدل عن وجهة النظر الظاهرة فهذا ما يسمى شرعًا بالاستحسان. أما مقاصد الشريعة فجاءت لحفظ الضروريات الخمس: الدين والنفس والعقل والمال والعرض.

3.    المصالح المرسلة: وهي المصالح التي لم يشرع الشارع حكمها لتحقيقها، ولم يدل دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها، ولذلك تسمى المطلقة لأنها لم تقيد بدليل اعتبار أو دليل إلغاء. وتهدف الأحكام التي تضمنتها النصوص الشرعية إلى تحقيق المصالح للناس ودفع المفاسد عنهم، الأمر الذي يرشدنا إلى أن التشريعات يجب أن تكون وفق مصالح الناس، وأن تتنزه عن أهوائهم ورغباتهم، يقول I: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة: 49].

4.    سد الذرائع: وتعرّف الذريعة بأنها الموصل إلى الشيء الممنوع المشتمل على مفسدة، أو الشيء المشروع المشتمل على مصلحة، وتسمى الأولى باب سد الذريعة، والثانية باب فتح الذريعة.

5.    الاستصحاب: وهو جعل الحكم الثابت في الزمان الماضي مستمرًا إلى الزمان الحاضر حتى يقوم الدليل على التغيير، فهو إبقاء ما كان على ما كان عليه.

 

ثانيًا- المصادر الفرعية من منظور الثقافة والمتغيرات المعاصرة:

تجدر الإشارة بأن اتخاذ المصادر السابقة الذكر مصادر ومنطلقات أساسية لنظمنا التربوية لا ينافي أن يكون هناك مصادر فرعية يمكن لدارس التربية الإسلامية الاستعانة بها، والرجوع إليها عند بناء نظرية تربوية إسلامية، وهذه المصادر لا تخرج عن المصادر الشرعية إذا كانت متمشية مع تعاليم الإسلام، ولم تتعارض معها، فهناك من الباحثين من أشار إلى المصادر الفرعية التي تتمثل في المتغيرات التي تتحكم في نوعية حياة المسلم ومجتمعه، وتتلخص فيما يلي:

أ- التراث الفكري والعلمي الإسلامي: ويمكن أن يندرج تحتها صنفان، هما: (الغامدي، 2013)

1.    الدراسات التاريخية والدراسات التربوية لآراء العلماء المسلمين.

2.    دراسة الشخصيات الإسلامية اللامعة في مجال التربية كابن خلدون، والغزالي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن جماعة، وغيرهم.

بالإضافة إلى ما ذكراه الميمان والسالوس (2014)، وهي:

1.    طبيعة الإنسان المسلم: من حيث خصائص نموه وحاجاته وقدراته وانفعالاته.

2.    طبيعة المجتمع المسلم: من حيث خصائصه وبنيته وتكوينه وإمكاناته وتطلعاته وقيمه وتقاليده الاجتماعية الصالحة التي تجعل للمجتمع طابعه المتميز.

3.    طبيعة الثقافة الإسلامية: وهي محصلة التراث الاجتماعي المادي والمعنوي، والمبادئ السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يطبقها المجتمع.

وهذا المصدر ونعني به «التراث الفكري والعلمي الإسلامي» كما أسلفنا يتضمن ما أبدعته عقول العلماء المسلمين في شتى المجالات من تراكمات معرفية وعلمية، والتراث هنا يعد مصدرًا للتربية الإسلامية بحكم أن فيه ما يثري هذه التربية في نظامها وطرائقها ومجالاتها. ومن المعلوم أن التراث فيه الغث والسمين وفيه النافع والضار ولكن الإسلام دعانا إلى استخدام أدوات عديدة للانتقاء من هذا التراث؛ ومن ذلك الاجتهاد الذي يعني "بذل الجهد والطاقة في استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية"، والاجتهاد ضرورة لمواجهة التبدل والتغيير بتبدل الظروف والأزمان في حياة المجتمع المسلم، فقد أتت الشريعة بالقواعد العامة والمبادئ الأساسية، وتركت للمجتهدين من علماء الدين مهمة الاستنباط من تلك القواعد لما يجد من تلك الوقائع. (الحامد وآخرون، 2004)

ب- الخبرات العالمية والدراسات العلمية: ويمكن أن يندرج تحتها صنفان، هما: (الميمان والسالوس، 2014)

1.    الواقع العالمي المعاصر: من حيث التطور الحاصل فيه من جميع الجوانب، وخاصة الثورة المعرفية التي أصبحت تمثل تحديًا كبيرًا من حيث متابعته.

2.    واقع العملية التربوية: من حيث التجديد وفقًا للتغيرات المعاصرة، بما في ذلك نتائج الأبحاث والدراسات التربوية والنفسية المتعلقة بالعملية التربوية، وأهداف التربية ووظائفها في عملية النمو الثقافي.

ويضيف الغامدي (1418)

ج- مواثيق ومبادئ المنظمات والهيئات الدولية: وخاصة التي تشارك فيها الدول الإسلامية، مثل: جامعة الدول العربية، ورابطة العالم الإسلامي، وهيئة الأمم المتحدة، وما يتبعها من منظمات دولية خاصة بالتربية والتعليم، فالمواثيق والمبادئ التي أقرّتها الدول الأعضاء في تلك المنظمات ولا تعارض التعاليم الإسلامية ينبغي أن تتضمن نظمنا التربوية الصالح منها وتزويد الناشئة بها.

 

الخاتمة:

ومن خلال العرض السابق لمصادر النظرية التربوية الإسلامية، والتي اشتملت على المصادر الثابتة والمتغيرة والفرعية؛ يرى الباحث أنه من الصعوبة بمكان الفصل فيما بينها لاستنباط القواعد والمبادئ التربوية في الإسلام؛ فهي متداخلة فيما بينها، إلا أنه بالإمكان وضع المعايير التي تعمل على التوفيق فيما بينها وصولًا إلى بناء نظرية تربوية إسلامية يمكن تطويرها مع المتغيرات المتسارعة في النظم التربوية العالمية.

ويمكن القول بأن أصول النظرية التربوية الإسلامية تكمن في القرآن الكريم والسنة الشريفة؛ لأنهما يحتويان على خطوط عريضة تحدد أسس التربية وأهدافها، وميادينها ومناهجها، وأساليبها ووسائلها، بحيث تتدرج في إعداد الإنسان المسلم إعدادًا فكريًا ونفسيًا ووظيفيًا، مراعية في ذلك استعداداته وقدراته، وحاجات المجتمع الذي يعيش فيه.

كما أن هذه الأصول تعتبر أصولًا مرنة تنفتح على تجارب الآخرين، وتراعي ظروف التطور والتغيرات في كل زمان ومكان، وذلك من خلال الاستعانة بالمصادر المتغيرة والفرعية باستخدام أنماط التفكير وأساليب الفهم.


المراجع:

1.     الحامد، محمد معجب وعلي، سعيد إسماعيل ومحمد، عبدالراضي إبراهيم. (2004). التربية الإسلامية: المفهومات والتطبيقات. ط1. الرياض: مكتبة الرشد.

2.     السعدون، عادلة علي. (2012) مباحث في طرائق تدريس التربية الإسلامية وأساليب تقويمها. مجلة الأستاذ. ع (203)، كلية التربية، جامعة بغداد.

3.     الغامدي، عبدالرحمن عبدالخالق. (1418). مدخل إلى التربية الإسلامية. الرياض: دار الخريجي.

4.     الغامدي، ماجد سالم. (2013). قراءة لنظرية المنهج التربوي في ضوء النظرية الإسلامية. مسترجع من: https://www.alukah.net/

5.     الكيلاني، ماجد عرسان. (1985). تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية – دراسة منهجية في الأصول التاريخية للتربية الإسلامية. ط2. بيروت: دار ابن كثير، المدينة المنورة: دار التراث.

6.     الميمان، بدرية صالح والسالوس، منى علي. (2014). النظرية التربوية وتطبيقاتها عبر العصور: دراسة تحليلية من المنظور الإسلامي. ط1. الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق