مقدمة :
يعتبر التخطيط العملية المستمرة والمرشدة ، والعملية التي
تستهدف تنظيم شؤون التربية والتعليم في المجتمع ، وأيضاً علاج المشكلات التربوية
بحلول واقعية ، ملائمة للإمكانيات ، ومسايرة لمقومات المجتمع وأهدافه .
ومن أهم المشكلات التي لها أثر كبير في عدم إحراز تقدم واضح في
التخطيط التربوي على أسس علمية سليمة متكاملة ، ما يلي :
أ- مشكلات تتعلق بعملية التخطيط ،
ومنها :
( زكي ، 2004 ، ص 271 )
1- نقص البيانات
والإحصائيات الأساسية للتخطيط التربوي :
ومن أهم هذه البيانات ما يلي :
·
تعداد السكان وتوزيعهم حسب السن
والجنس ، وتقديرات الزيادة والنمو .
·
الحجم الكُلّي للقوى العاملة
ومؤهلاتها ، ومعدلات البطالة وتوزيعها الجغرافي ، واحتياجاتها التعليمية
والتدريبية .
·
إحصائيات عن الجانب الاقتصادي ، كمعدل
الإيرادات والنفقات ، ومعدلات النمو في الإنتاجية وغير ذلك .
·
معلومات تربوية ، كأعداد الطلاب
المقيدين بالسنوات المختلفة ، والخريجين في مراحل التعليم المختلفة على سلسلة
زمنية معينة ، والقوى العاملة في الحقل التربوي ، والمباني والتجهيزات ، ونتائج
البحوث التربوية ، ومصادر تمويل التعليم ومخصصاته من الميزانية العامة للدولة .
· تحديد الفترة الزمنية ؛ حتى يمكن
استنتاج اتجاهات بخصوص التغيرات السكانية أو التغيرات في تركيب القوى العاملة .
2- عدم الدقة والوضوح في البيانات :
إن من بين جميع البيانات اللازم
توافرها للتخطيط التربوي قد لا يتوافر في الدول النامية غالباً سوى البيانات
الخاصة بالتعليم ، وحتى هذه البيانات قد لا تكون على درجة كبيرة من الدقة ، أما
البيانات الأخرى فغالباً ما تكون غير موجودة ، وإن وجدت فغالباً ما تكون غير دقيقة
؛ لذلك فإن من أهم البرامج التي يجب على الدول النامية البدء في تنفيذها هو إنشاء الأجهزة
المسؤولة عن جمع هذه البيانات ، ودراستها وتحليلها ، وجعلها في الصورة التي يمكن
للقائمين على أجهزة التخطيط التربوي الاستفادة منها ، وكلما أسرعت هذه الدول في
إنشاء هذه الأجهزة كلما كان ذلك أفضل من حيث أن هذه الأجهزة تحتاج لوقت طويل حتى
تستطيع أن تقوم بوظائفها على الوجه الأكمل .
3- قلة الخبراء
والأفراد المدربين على التخطيط التربوي :
إن قلة الأفراد المدربين للقيام
بعملية التخطيط تمثل مشكلة أمام المسؤولين عن التخطيط التربوي ، فلا يوجد في
الكثير من الدول النامية معاهد تعليمية تقوم بالأبحاث الخاصة بالتخطيط التربوي ،أو
تقوم بإعطاء دراسات ومناهج خاصة به.
ولذلك تحتاج هذه الدول إلى إنشاء
مراكز لتدريب مخططي ومديري التربية التعليم على القيام بالبحوث في تخطيط وإدارة
التعليم ، كما أنها تحتاج إلى نوعين من البرامج :
أ- برامج طويلة المدى : لمدة سنة مثلاً لتدريب عدد قليل من موظفي الصف الأول في أجهزة
التخطيط بالدولة ، ودراسة أسس التخطيط العام والتخطيط التربوي وما يتصل بذلك من
مبادئ الإحصاء التربوي والإدارة المدرسية والتمويل ، بحيث يصبحون قادرين على وضع
الخطط التربوية الجيدة .
ب- برامج قصيرة المدى : لتدريب الصف الثاني من الموظفين
العاملين في أجهزة التخطيط التربوي على يد الصف الأول من الموظفين الذين حصلوا على
دراسة عميقة في التخطيط التربوي .
وقد يكون من الضروري إشراك بعض
الخبراء الأجانب ممن لهم معرفة وخبرة بعمليات التخطيط ، وكذلك الخبراء في الاقتصاد
والإحصاء ومشكلات التنمية ، والأخصائيون في مشكلات السكان والقوى العاملة ، بالإضافة
إلى رجال التعليم ، وكذلك فإن على هذه البرامج التدريبية الاهتمام بعلاقة هذه
التخصصات بمشكلات التخطيط التربوي .
4- عدم وجود وعي تخطيطي مناسب : ( البوهي ، 2011 ، ص 37 )
إن وعي المجتمع بأهمية التخطيط
التربوي لتحقيق احتياجاته يساعد تماماً على نجاح العملية التخطيطية ؛ لذلك فمن
المهم بالنسبة للمسؤولين عن التخطيط التربوي نشر الوعي التخطيطي بين جميع أفراد
المجتمع ، واستخدام جميع وسائل الإعلام التربوي في سبيل إعداد رأي عام مستنير
يتفهم المشكلات التي تواجه التربية والتعليم ، ويدرك مدى احتياجات البلاد على
المدى القصير والبعيد ، ويؤمن بأن سعادة الفرد والجماعة تنبع من مدى التوافق الذي
يتم بينهما ، والذي هو هدف التخطيط السليم .
5- عدم وضوح السياسات التربوية
التخطيطية : ( عباس
بله ، 2012 ، ص91 )
إن عدم وضوح السياسة التخطيطية ، وعدم تحديد الأهداف الرئيسية ،
تعد عقبة في وجه التخطيط التربوي ؛ ونتيجة لعدم
التحديد الواضح هنا فإن معظم الخطط - إن لم يكن جميعها - سواء أكانت في جانبها الكلي أو الكمي ؛ فإنها غير قادرة على تحقيق الأهداف
التربوية ذات المردود الإيجابي على الفرد والمجتمع .
ومن جملة المشكلات ذات العلاقة بالسياسة التربوية والتخطيطية
ما يلي :
أ- ضعف تعريف فلسفة التخطيط التربوي .
ب- ضعف تعريف سياسة التخطيط التربوي .
ج- غياب الاستراتيجية المحددة في ضوء سياسة التخطيط على المستوى الوطني
.
د- غياب الاستراتيجية المحددة الواضحة لتوجيه نشاطات التخطيط على المستوى
الوطني .
هـ- ضعف التوجيهات المحددة لتوجيه نشاطات التخطيط على مستوى المناطق .
و- ضعف أو قلة ترتيب النشاطات الأولية
في قطاع التخطيط .
6-
تغير الظروف والأحوال قبل انتهاء الخطة الموضوعة أو أثناء تنفيذها :
نتيجة للتطورات والتغيرات السريعة
التي تشهدها المجتمعات الحديثة ، فإن الفروض والأسس التي قامت عليها الخطط
التربوية قد تصبح غير مجدية أثناء تنفيذها ، وقد تسبب هذه الحالة مشكلات كثيرة على
القائمين بالتخطيط التربوي ؛ فقد تُبنى الخطة على أساس التنبؤ باحتياجات معينة من
القوى العاملة خلال سنوات معينة ، إلا أن التطور التكنولوجي أو اكتشاف مصادر جديدة
للطاقة ، أو نمو اتجاهات ثقافية أو اجتماعية جديدة قد يهدم كل الأساس الذي قامت
عليه الخطة .
وقد تتغير الظروف نتيجة ارتفاع تكلفة
الإنفاق على الخطط ، أو نتيجة الكوارث الطبيعية أو الحروب التي تفرض نفسها أحياناً
.
ومن الواضح أن هذه المشكلة تحتم أن يكون التخطيط التربوي عملية
متصلة مستمرة ؛ بحيث يعاد النظر في الخطة عند تغير الظروف والأحوال التي تمر بها
الخطة سواء أثناء وضعها أو تنفيذها .
7- ضعف توظيف نتائج البحث العلمي : ( أبو طاحون ، 2010 ، ص 223 )
هناك افتقار إلى وجود بحوث تجريبية
تتعلق بالقضايا التربوية بشكل عام ، وبالتخطيط بشكل خاص ، من حيث الدراسات التي
تتعلق بتحليل خطوات العمل وإجراءاته ، وتقدير أعبائه وتكلفته ؛ ويرجع ذلك إلى
أمرين :
1-
ضعف الإنتاجية العلمية للدول النامية
.
2-
قلة أو انعدام الأموال والميزانيات
المرصودة للبحث العلمي في الدول النامية .
وحتى وإن وجدت هناك بحوث موثقة ،
فهناك ضعف وبطء في توظيف نتائجها ، واعتمادها في صنع القرارات .
8- غياب التقوم التربوي : ( أبو طاحون ، 2010 ، ص 229 )
إن ضرورة مراجعة الخطط ومتابعتها تقتضي وجود جهاز للتقويم ،
يقوم بجمع المعلومات اللازمة ، ويحللها تحليلاً علمياً وموضوعياً ، للتعرف على
المشاكل والصعوبات التي تعترض العملية قبل اقتراح الحلول والتعديلات المناسبة حسب
الحاجة ، وإذا كانت الدول النامية تطمح إلى تجاوز المشاكل التعليمية ، فيتعين على
المسؤولين فيها من ضبط المعطيات التي لها علاقة بالتربية والتعليم ؛ وذلك بإحداث
أجهزة خاصة بهذا المجال ،ولابد من تنمية مهارات التقويم وبيان وظائفه .
ويعتمد جهاز التقويم التربوي على عدة أنواع ، وهي :
· التقويم الموضعي : ويرتكز على تقويم
الحاجة الكلية التي يعمل فيها جهاز تطبيق الخطة .
· تقويم نمط التنسيق : ويقوم على
المقارنة بين الواقع الممارس وما يجب أن يكون عليه .
· تقويم الإنتاج : ويشتمل على تقويم
الخطط والمشاريع أثناء مرحلة التطبيق وبعدها .
· التقويم الطارئ : ويسعى إلى البحث عن
وسائل تطوير المرحلة الحالية والمستقبلية لتكون ملائمة أكثر للحاجات .
· التقويم الإجمالي : ويتم بعد الانتهاء
من تطبيق الخطة .
ومن المشكلات المتعلقة بالتقويم التربوي ، والتي يجب التصدي
لها ، ما يلي :
· غياب التقويم الفعلي للخطط الماضية
والحاضرة .
·
غياب وسائل التقويم الكفيلة بتحديد
نجاح وفشل الخطط الحالية .
·
عدم توفر الطرق الكفيلة بتشخيص
الحاجات التربوية .
·
عدم تطبيق معايير صادقة ، والبعد عن
الموضوعية .
·
عدم الاستمرار في تطبيق الخطة .
·
المبالغة في ثمن التكلفة مع قلة
الإنتاج .
ب- مشكلات تتعلق بالبيئة الخارجية : ( أبو طاحون ، 2010 ، ص 211 )
1- القيود السياسية :
تقوم المؤسسة السياسية في الدول
النامية بتحديد أهداف التربية وغاياتها واستراتيجيات العمل المدرسي ومناهجه ؛
لتحقيق أغراض سياسية اجتماعية قريبة أو بعيدة المدى ، وبذلك فإن المخطط يستطيع فقط
أن يتحرك في إطار هذه الحدود ، وينحصر دوره في تحديد معقولية الأهداف ، وفي العادة
يقوم المخطط التربوي على صياغة الأهداف بصورة بدائل يقدمها لمتخذ القرار ؛ وذلك
نظراً لعدم القدرة على التنبؤ بالمتغيرات سواء الدولية أو الإقليمية منها .
2- التأثر بالواسطة والمحسوبية والشللية :
تفتقد المؤسسات التربوية في الكثير من
الدول النامية لعناصر الاستمرار والاستقرار والإنتاج ، وهذا راجع لتأثرها بالعامل
الشخصي ، وسيطرة رموز (منخفضة المستوى) على الثقافة السائدة في المجتمع ، الأمر
الذي أدى إلى الواسطة والمحسوبية والشللية وانتشارها على حساب الأسس والمعايير
الموضوعية والعقلانية بالنسبة للتعيين والاختيار والأداء والتقييم ؛ ما أدى إلى
إضعاف ثقة العاملين والمتعاملين مع القطاع الحكومي في العمل المؤسسي ، وبالتالي في
انخفاض الإنتاجية وقلة الإبداع والتطور الإداري .
3- مشكلة الهوية الثقافية :
لقد نجحت الدول الغربية في نشر
ثقافتها والترويج لأفكارها وقيمها الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية على
حساب اكتساح الثقافات الوطنية ، وطمس الهوية الثقافية للدول النامية ، وبخاصة
المستعمرات السابقة التي خرجت من وطأة الاحتلال مباشرة إلى صدمة العالم الحديث بكل
مخترعاته ، فارتبطت بالمظهر ، بينما بقي الجوهر متخلفاً يعاني من الفقر والديون
وسريان قيم المجتمع الاستهلاكي ، فضلاً عن معاناة البعض من دكتاتورية النظم
الوطنية الحاكمة .
ولذلك فإن قضية الحفاظ على الهوية
الثقافية مع خطر الغزو الثقافي يحتم على المؤسسة التربوية أن تقوم بإعداد الخطط
الاستراتيجية المستقبلية لمواجهة تلك التحديات .
4- الاعتماد على الجهات الأجنبية :
إن ما يميز الدول النامية هو الاقتصار
غالباً على النقل والتقليد ، والاعتماد على استقطاب أجانب ، مع العلم أن لديها
خبراء ومختصين في عدة مجالات علمية وتربوية وتكنولوجية ، ولكن معظمهم يضطر للعمل
والإنتاج في الدول المتقدمة .
ج- مشكلات تتعلق بالجانب الاقتصادي : ( عباس بله ، 2012 ، ص 88 )
1- قلة المخصصات المالية لتنفيذ الخطط التربوية :
التخطيط يتطلب بذل جهد ووقت وتكلفة ،
والمخطط التربوي الناجح يعي جيداً أنه إذا لم يتوفر التمويل الكافي للبرامج
والمشاريع ، فإن كل الجهد الذي بذله في إعدادها يضيع سدىً ، ولضمان نجاح عملية
التخطيط لابد من :
أ- زيادة ما ينفق على التعليم ؛ سواء
بزيادة المخصص من ميزانية الدولة ، أو بواسطة تحرّي بدائل جديدة لتمويل التعليم ؛
كمشاركة الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني ، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية .
ب- مشاركة المخطط التربوي في إعداد
ميزانية وزارة التعليم ؛ كي يتسنَّى له المساعدة على برمجة الميزانية في ضوء
برامجه ومشاريعه المدرجة في الخطة .
ج- تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد
المالية المتاحة .
د- العمل على مراجعة
نفقات التعليم بما يكفل حسن استثمار الموارد وترشيد الإنفاق .
2- انخفاض مستوى الدخل الفردي :
يلاحظ أن بعض الدول النامية تصرف جزءاً كبيراً من دخلها على
التعليم ، ولا شك أن هذا يسبب مشكلات أخرى ؛ حيث أن زيادة المصروفات التعليمية
بدون زيادة مقابلة في الناتج المحلي ؛ يؤدي إلى بطء في معدلات التنمية في القطاعات
الاقتصادية الأخرى ؛ مما يسبب بالتالي مشكلات للتعليم .
3- ارتفاع معدلات
تكلفة التعليم :
حيث أثبتت الدراسات الإحصائية أن ما يكلفه الطالب سنوياً في
مراحل التعليم المختلفة في الدول النامية أكثر كثيراً منه في الدول المتقدمة إذا
نسبت هذه التكلفة إلى متوسط الدخل الفردي في هذه الدول ؛ وهذا يعود إلى عوامل
كثيرة ، أهمها :
أ- أن متوسط مرتبات المعلمين في الدول
النامية كبيرة بالنسبة لمتوسط دخل الفرد.
ب- أن تكلفة المباني والتجهيزات في
الدول النامية غالباً ما تكون أكثر بكثير من مثيلاتها في الدول المتقدمة قياساً
بمتوسط دخل الفرد .
4- ازدياد الحاجة
إلى التوسع في التعليم :
تتميز
الدول النامية بشدة الطلب على التعليم في جميع مراحله وأنواعه ، ويمكن إرجاع هذا
المطلب إلى الأسباب التالية :
أ- حاجة قومية : فلقد ورثت أغلب الدول النامية من
الاستعمار مشكلات كثيرة ، أهمها مشكلة الأمية المتفشية بين شعوبها ، وانخفاض مستوى
التعليم بوجه عام ؛ لذلك فقد بدأت هذه الدول بمجرد استقلالها في تبني سياسة فعالة
لنشر التعليم الابتدائي في أقل فترة ممكنة ، وإنشاء العديد من المدارس والجامعات ؛
مما نشأ عنه زيادة كبيرة في المنصرف على التعليم في هذه المرحلة .
ب- حاجة إدارية : وهذا بسبب معاناة الدول النامية بعد
استقلالها لمشكلة قلة المواطنين القادرين على شغل المناصب الرئيسية في الدولة ،
فقد حدث فراغ هائل في الجهاز الإداري والفني لهذه الدول بسبب تخلي الموظفين
الأجانب عن أعمالهم ووظائفهم ، أو بسبب السياسة القومية للدولة الهادفة إلى إحلال
المواطنين محل الأجانب في إدارة البلاد .
ج- حاجة اقتصادية : فإن جميع الدول وخاصة النامية منها
تنظر إلى التعليم على أنه العامل الأول في زيادة القدرة الإنتاجية للدولة ؛ عن
طريق تكوين رأس المال البشري المدرب الذي يستطيع إحداث التنمية الاقتصادية ،
وبالرغم من صعوبة إيجاد علاقة حسابية بسيطة بين التعليم والتدريب وزيادة الكفاية
الإنتاجية ، فقد اتخذتها الدول النامية كقضية مسلمة ، واعتبرت هذه العلاقة قائمة
ووثيقة ، فكل زيادة في مخصصات التعليم هي في الحقيقة استثمار مربح سيعود على
الدولة في صورة نمو اقتصادي .
د- مشكلات تتعلق بالإدارة التربوية : ( أبو طاحون ، 2010 ، ص 216 )
1-
القيادات التربوية :
هناك بعض القيادات الإدارية ليست
مدركة لأهداف المؤسسات ، وغير ملمة بالأسلوب الإداري الحديث ، فلم تتعامل مع مسائل
التربية كونها وحدات متشابكة ومتداخلة مستمرة ومتطورة ، بل ركزت جهودها وقدراتها
على الأمور الإجرائية دون المهام والقضايا الفنية ، ولم تفتح باباً للحوار ، ولم
تتسم بالتجديد ؛ لتضع النظام التربوي موضع العاجز عن إحداث التجانس الإداري ،
بالإضافة إلى اللامبالاة والواسطة والتكتلات وتعددية الانتماءات .
2- قِدَم التشريعات التربوية :
في الدول النامية يحدث عادة تعاقب
للقوانين ، التي يتم تغييرها حسب التغييرات الإدارية المستمرة ، كما تتباين
التشريعات التنظيمية تبعاً للجهة التي أصدرتها ، وتختلف المصطلحات تبعاً للمنقول
من دول مختلفة .
وبسبب قدم التشريعات التربوية (
القوانين والأنظمة ) المعمول بها ، والتي قد تحد من إمكانية بناء الشراكات مع
الجهات المعنية ، أو تعيق تفويض الصلاحيات أو تغيير السياسات ، أو التكيف السريع
مع المستجدات ؛ كان هناك حاجة ملحة لمراجعة وتحديث العديد من التشريعات التربوية ،
مما يسهل تطبيق المشاريع والبرامج الجديدة ولا يعرقلها .
3- الافتقار إلى رؤية تربوية مشتركة :
تعتبر الرؤية التربوية المستقبلية
العين النافذة للسلطة التربوية العليا والعاملين في التربية ؛ للوصول إلى الأهداف
المرسومة ؛ ولمواكبة عصر العولمة وما تحمله من تحديات .
ولتحقيق ذلك لابد من وضع إستراتيجيات
مستقبلية لرؤية المستقبل الذي نريد ونتمنى ، والنظر إلى القضايا الإستراتيجية ذات
الأولوية ، وطرح مجموعة من البدائل التي تساعدنا في تحديد ما يمكن أن تكون عليه
النظم التربوية في المستقبل من حيث عمليات التحسين والتطوير ، وتوصيف الوظائف
والمسؤوليات ، ودراسة احتياجات المجتمع والعمليات والموارد وفرص المنافسة .
ونظراً لصعوبة الموضوع وتأثيره بعيد
المدى في المجتمع ، فإنه على القيادات التربوية إشراك المعلمين والإداريين
والمؤسسات المجتمعية وكافة قطاعات الدولة في تحديد الرؤية ، وتحديد مهام التوجيه ،
والعوامل المحفزة للنجاح ، ومسح المعلومات الداخلية والخارجية المتعلقة بتنفيذ هذه
الرؤية ، وتحليل العوامل المشجعة والمعيقة لهذه الرؤية ، وتطوير الأهداف
الإستراتيجية الواقعية ، وتطبيق خطط العمل ، وتخصيص الموارد المالية والبشرية لتنفيذها
وتقييمها .
4- مركزية التخطيط :
إن مركزية القطاعات الوزارية في بناء
الخطط للإدارات والأقسام هي إحدى مشكلات التخطيط التربوي ؛ حيث تؤدي إلى عدم
واقعية الخطط الموضوعة ؛ لبُعد القائمين على وضعها عن مجالات الممارسة والتنفيذ ؛
كما تؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية لدى المنفذين لعدم مشاركتهم في إعداد الخطة ؛
وقد يؤدي ذلك كله إلى فشل الخطة في تحقيق أهدافها .
كما أن اتساع المساحة الجغرافية التي
يخدمها الجهاز التربوي مع التباين الشديد في التضاريس وتوزيع السكان ، من المشكلات
التي تواجه التخطيط التربوي لا سيما إن اتسم بالمركزية ، فالجهة المخططة قد تكون
معلوماتها ضعيفة عن بعض المناطق وطبيعتها ، ففي هذه الحالة يمكن إشراك أفراد من
هذه المناطق للتعاون مع الجهات المعنية ، وذلك للتخطيط لإنشاء المدارس في وضع صحيح
بعيداً عن كونهم متلقين لأوامر يجب عليهم تنفيذها فقط .
بالإضافة إلى تضخّم العاملين في حقل
التربية والتعليم ، واحتوائه على خليط غير متجانس ؛ من حيث أن لكل تجمع أو فئة
خلفيتها الفكرية والاجتماعية والسياسية ، مما يزيد من صعوبة إقناع كل العاملين في
التربية بأهمية التخطيط ، وأهمية دورهم فيه ، بالإضافة أيضاً إلى صعوبة السيطرة على التخطيط
أو تنفيذه بالصورة المطلوبة ؛ فإنه يمكن التغلب على هذه المشكلات بما يلي :
·
إلغاء المركزية في التخطيط والتنفيذ ؛
لتحقيق ما مفاده أن الخطط التي تنفذ هي الخطط التي قام بإعدادها أفراد مسؤولون عن
تنفيذها .
·
إعطاء الصلاحيات اللازمة للمعنيين في
جميع الجهات المسؤولة والمناطق المختلفة .
·
إنشاء جهات خاصة بالتخطيط في كل منطقة
؛ وتمكينها بالاشتراك في عملية التخطيط عند اقتراح مشروع ما قبل تنفيذه .
5- عدم كفاءة
التنظيمات والأجهزة المسؤولة عن التخطيط التربوي :
( البوهي ، 2011 ، ص 37 )
إن المؤسسات القائمة على التخطيط التربوي في الدول النامية
غير قادرة على القيام بوظيفتها على الوجه الأكمل ، وهذا ليس لعدم وجود الخبراء
والأفراد المدربين على التخطيط فحسب ، بل لأسباب أخرى ، منها :
·
سوء تنظيم العمل في هذه الأجهزة .
·
عدم الترابط والتكامل بين الأجهزة
المسؤولة عن التخطيط التربوي في وزارة التعليم ، والأجهزة المسؤولة عن التخطيط
الاقتصادي أو التخطيط للقوى العاملة ، أو الأجهزة المسؤولة عن التدريب في وزارات
أخرى .
المراجع
1-
زكي ، صديقة أحمد عبد القادر ( 2004 )
. الإدارة التعليمية والتخطيط التربوي والتعليمي . ( ط 1 ) . مكة : مطابع
بهادر .
2-
أبو طاحون ، أمل لطفي ( 2010 ) . التخطيط
التربوي واعتباراته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية . عمّان : دار اليازوري
.
3-
البوهي ، فاروق شوقي ( 2011 ) . التخطيط
التربوي – عملياته ومداخله وارتباطه بالتنمية والدور المتغير للمعلم . ( ط 1 )
. الإسكندرية : دار الوفاء .
4-
عباس بله محمد أحمد ( 2012 ) . التخطيط
التربوي ( مفاهيمه – مجالاته ) . دار جامعة السودان المفتوحة للطباعة – طابعون
.