الاثنين، 8 أغسطس 2016

التطور التأريخي للتعليم في المملكة العربية السعودية ..!




أولاً : التعليم في الإسلام : ( العقيل ، 2005 ، ص 68 )
لقد جعل الإسلام للعلم منزلة عظيمة ، واهتم به منذ أول آية نزلت من القرآن الكريم ، حين قال تعالى : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [ القلم : 1 ] ، فالأمر بالقراءة هنا ، هو أمر بطلب العلم النافع الذي يجعل الإنسان المسلم أكثر خوفاً وخشية من الله ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [ فاطر : 28 ] .
والقرآن الكريم حافل بالعديد من الآيات الحاثة على العلم ، وكذلك أيضاً فإن الأحاديث النبوية الشريفة الدالة على فضل العلم والتعلم أكثر من أن تحصى ، ولعل من أشهرها قوله صلى الله عليه وسلم : " من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنةِ " [ صحيح ] .
وتعتبر دار الأرقم بن أبي الأرقم مدرسة الإسلام الأولى التي تلقى فيها المسلمون الأوائل تعليمهم من معلم البشرية جمعاء محمد صلى الله عليه وسلم ، وعندما هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة ، انتقل التعليم إلى المسجد الذي لم يكن مكاناً لأداء الصلاة فحسب ، وإنما أحسن المسلمون توظيفه في خدمة شؤونهم الدينية والدنيوية .
ولهذا فليس بغريب أن تتحول هذه الأمة الأُمية إلى أمة العلم والحضارة ، وأن تحوز على قصب السبق في مختلف العلوم ، وأن تسهم في تقدم العلم بكل فروعه وأشكاله يوم أن كانت متمسكة بإسلامها ، مدركة بخلافتها في الأرض ، واعية لدورها الحضاري .
ثم ما لبث أن أنشئت الكتاتيب لتعليم أطفال المسلمين ، ثم تكاثرت في شتى بلدان العالم الإسلامي ، وتطورت إلى ما يسمى بالمدارس والمعاهد والجامعات ، وذلك عندما اتسعت الدولة الإسلامية في العصور التالية لصدر الإسلام ، حتى فاقت العلوم الإسلامية علوم الآخرين كماً ونوعاً ، وغدت الغذاء الفكري لجميع أمم الأرض قروناً عديدة وأزمنة مديدة .
ثم كانت النكسة التي مُنيت بها الأمة الإسلامية حين غزو التتار وتسلط أوروبا ، فتبدلت حال المسلمين من تطور باهر إلى تقهقر مريع ، ومن وحدة وتجمع مهيب إلى فرقة وشتات مغرٍ لكل عدو ومتربص بأمة الإسلام الدوائر ، ثم لا يلبث المسلمون أن يعودوا إلى سباتهم العميق ، ويتركون للغزاة تحديد مصيرهم ، وهدم تراثهم ، وتمزيق كيانهم .
فكان طبيعياً في ظل تلكم الظروف القاسية أن تصاب حركة التعليم في شبه الجزيرة العربية – والمملكة كيان كبير منها – بالجمود والخمول حيناً من الدهر .


ثانياً : التعليم قبل توحيد المملكة : ( حكيم ، 2012 ، ص 14 )
ينقسم التاريخ السعودى إلى ثلاث مراحل ، هي :
·       الدولة السعودية الأولى : تبدأ من عام 1157 هـ ، وهي السنة التي تم فيها تعاهد الأمير محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب ،  وإعلان ميثاق الدرعية .
·       الدولة السعودية الثانية : تبدأ من عام 1240 هـ ، وهي السنة التي حرر فيها الأمير تركي بن عبد الله مدينة الرياض وباقي نجد من أيد الأتراك العثمانيين وإبراهيم باشا .
·       الدولة السعودية الثالثة : بدأت عام 1319 هـ ، وهي السنة التي استرد فيها الملك عبد العزيز مدينة الرياض من أيد آل الرشيد ، وتم فيها توحيد البلاد ضمن إطار مملكة أُطلق عليها المملكة العربية السعودية عام 1351 ه .
وكان التعليم يمارس على نطاق ضيق جداً قبل العهد السعودي الثالث وتوحيد المملكة ؛ فقد كان معدوماً عند قطاع كبير من سكان البادية ، ونادراً بين فئات الحضر ؛ وهذا راجع إلى بعض العوائق التي وقفت في طريق الغالبية العظمى من السكان إلى المعرفة ، ومنها :
1-  صعوبة الحياة وشظف المعيشة في تلك الفترة التي سبقت عهد الملك عبدالعزيز .
2-  النزاعات والظروف السياسية .
3-  عدم وجود من يتولى التعليم برعاية مالية كافية
ومع ذلك فقد كانت هناك محاولات لنشر التعليم لا بأس بها ، مقارنة بقلة الإمكانات آنذاك ، حيث كانت هناك كتاتيب قليلة جداً لتعليم الأطفال القراءة والكتابة ، مع التركيز بصفة خاصة على قراءة القرآن الكريم ولعل ذلك مقابل أجوراً رمزية يدفعها أولياء أمور الطلاب ، وكان العلماء يبذلون ما في وسعهم لتعليم الآخرين في المساجد دون مقابل مادي .
§       أنماط التعليم قبل العهد السعودي الثالث :
هناك ثلاثة أنماط رئيسة للتعليم تم ممارستها في الجزيرة العربية ، ولا سيما في مكة والمدينة قبل العهد السعودي الثالث ، وهي :
أ‌-     التعليم في المساجد :
يعد التعليم في المساجد عامة ، وفي الحرمين الشريفين خاصة ، من أكثر النظم التعليمية ثباتاً واستمراراً ؛ وذلك راجع بطبيعة الحال إلى خصوصية المركز الديني الذي يحتله المسجد منذ فجر الإسلام .
واستمرت الحالة العلمية مزدهرة في الحرمين الشريفين ، وإن أصابها بعض الضعف أحياناً لظروف سياسية أو اقتصادية ، لكنها بقيت محافظة على توازنها وسماتها العامة .
ومن خصائص التعليم في المسجد أنه لم يكن في معظمه ذا نظام محدود وثابت – كما هو الحال في مؤسسات التعليم الحالية – وإنما كان الجزء الغالب منه يتم في صورة حلقات ، يختار الدارس فيها ما يناسبه ، ولم تكن ثمة مادة دراسية معينة ، بل اتسمت المواد غالباً بالدراسات الدينية والأدبية والتاريخية ، وكانت هذه الحلقات متنوعة في مستوياتها ، بحيث يستطيع كل راغب في الانضمام إلى إحداها وفقاً لمستواه العلمي ، وفي أي وقت يشاء ؛ إذ لم تكن هناك برامج محددة .
ب‌-    التعليم في الكتاتيب :
ظهر الكُتَّاب كمؤسسة تعليمية منذ أوائل العهد الإسلامي ، بهدف تعليم الصغار وتربيتهم التربية الإسلامية الجيدة ، ويذكر أن أول من جمع الأولاد في الكُتَّاب في الإسلام هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأمر عامر بن عبدالله الخزاعي أن يلازمهم للتعليم ، وجعل رزقه من بيت المال ، ووقت الدراسة من بعد صلاة الصبح إلى الضحى ، ومن صلاة الظهر إلى صلاة العصر .
هذا وقد اهتم المسلمون في جميع العصور بتعليم أولادهم في الكُتَّاب ، خاصة تعليمهم القرآن الكريم ، إضافة إلى القراءة والكتابة ومبادئ الحساب ، والطالب الذي يختم القرآن يكون قد أنهى هذه المرحلة تماماً ، التي كانت تعتبر المرحلة الأولى من التعليم ، ومن ثم يمارس العمل الذي يريده ، أو يواصل الدراسة في الحلقات أو المدارس ، أما مكان الدراسة فيكون إما في المسجد أو بجواره ، ويأخذ المعلم أجره كمواد عينية من القمح والذرة والبن والحطب ، وقد تكون في بعض الأحيان من النقود ، وذلك في المناسبات والأعياد .
كما كانت النساء يعلِّمون في الكُتَّاب ، ولم يكن نصيب المرأة قاصراً في ذلك ، فكثير من النساء نبغن في العلوم والتعليم ، وتولى بعضهن الكتابة للخلفاء وفي دواوين الدولة ، وكان للإمام مالك رضي الله عنه عدة جوارٍ يكتبن بين يديه ، وغيرهن كثير .
ولقد انتشرت في أرجاء المملكة قبيل العهد السعودي الثالث مجموعة من الكتاتيب للبنين والبنات ، ولا سيما في الحجاز والأحساء والقصيم وعسير وتهامة ونجد ، أما في مكة والمدينة فقد كانت الكتاتيب أكثر من أن تحصى ، فقد كانت - في أوائل القرن الرابع عشر الهجري – منتشرة في مكة في كل حارة ، ويذكر أنها بلغت 43 كُتَّاباً ، أما في المدينة المنورة فيقدر عددها 24 كُتَّاباً ، وكان في إقليم الأحساء وحدها ما يزيد على 30 كُتَّاباً ، أما في نجد فقد كانت الكتاتيب متواضعة شكلاً ومضموناً .

ج- التعليم في المدارس :
عرفت المدراس في المجتمع الإسلامي منذ القرن الرابع الهجري ، وقبل نظام الملك الوزير السلجوقي الذي يربط بعض المؤرخين بينه وبين ظهور المدارس في الإسلام ؛ وربما يرجع ذلك إلى أن نظام الملك كان أول من اهتم بها وأنشأ كثيراً منها ، وجعل التعليم فيها مجانياً ، ومنح المكافآت والأجور للطلاب والمعلمين .
ومن أهم المناطق التي اعتنت بالمدارس في وقت مبكر منذ القرن السادس الهجري ، مكة والمدينة ،وقد تأسست عدة مدارس آنذاك إلا أنها لم تستمر كمدرسة الأرسوفي بباب العمرة عام 571 هـ ،ومدرسة الزنجيلي عام 579 هـ ،ومدرسة الشرابي عام 641 هـ ،ومدرسة الشريف عجلان عام 772 هـ ،والمدرسة الغياثية أو البنغالية عام 814 هـ ،ومدرسة قايتباي عام 884 هـ .
ويذكر أنه تأسست في الدرعية التابعة لإقليم نجد أربع مدارس ، كل مدرسة تابعة لواحد من أبناء الشيخ محمد بن عبدالوهاب قرب بيته ، ويتولى بيت المال الإنفاق عليها ، إلا أن الاعتماد على الحلقات في الإقليم كان سائداً .
ولم تتطور المدارس لا في المنهج ولا المكان إلا في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ، عندما افتتحت مدارس عثمانية في الحجاز أكثر تطوراً ونظاماً .
§     وقد عرفت الجزيرة العربية قبيل العهد السعودي الثالث ، ثلاثة أنواع من المدارس الحديثة ، وهي :
1- المدارس العثمانية :
حينما ضُمَّت الحجاز إلى الدولة العثمانية تأسست أربع مدارس في مكة تدرس كل واحدة منها أحد المذاهب الأربعة عام 972 هـ ، وكانت تسمى المدارس السليمانية ، كما أنشأ العثمانيون في المدينة المدرسة المحمودية .
إلا أن أولى المدارس الحديثة التي أنشأها العثمانيون كانت المدرسة الرشدية في مكة في أوائل القرن الرابع عشر الهجري ، وتلتها أخرى في جدة ، وثالثة في المدينة المنورة ، ورابعة في الأحساء عام 1326 هـ ، وكانت المواد التي تدرَّس فيها هي اللغة التركية والرياضيات والتاريخ ، ومعظم معلميها من الأتراك ، الذين كانوا يُلقون دروسهم باللغة التركية الأمر الذي جعل المواطنين يحجمون عن إلحاق أبنائهم بها ، كما فرضت رسوم على الدراسة .
2- المدارس الهاشمية :
وقد وجدت خلال الفترة من 1335 هـ إلى 1343 هـ ، حيث ألغى الشريف الحسين بن علي المدارس العثمانية بعد ثورته على العثمانيين ، وانتظر أهالي الحجاز السياسة التعليمية الجديدة التي أمر بها الشريف الحسين بعد أن شكلت وكالة للمعارف ، أسندت إدارتها إلى نخبة من العلماء ، فقاموا برسم السياسة التعليمية ، وكان مما تضمنته إلغاء التدريس باللغة التركية ، وأن يكون التعليم بالمجان ، وتوزع الكتب بالمجان ، فحل محل المدارس العثمانية مدارس عربية ، حيث اقتصر التعليم فيها على حاجة الدولة في أعمالها .  
ومن تلك المدارس : المدرسة الهاشمية الخيرية ، ودار العلوم الدينية ، ومدرسة العلوم الشرعية ، والمدرسة الحربية ، والمدرسة الزراعية .
وقد انقسمت المدارس خلال تلك الفترة إلى ثلاث مراحل ، هي :
1-  المدارس التحضيرية : ومدة الدراسة بها سنتان .
2-  المدارس الراقية : ومدة الدراسة بها أربع سنوات .
3-  المدارس الثانوية – العالية .
إلا أن هذه المدارس لم تكن راقية في مستواها العلمي ، ولم تفِ بالغرض الذي أقيمت من أجله .
3- المدارس الأهلية :
أدَّى فشل السلطات الرسمية قبل العهد السعودي الثالث في وضع نظام تعليمي متكامل إلى قيام عدد من أبناء الوطن وغيرهم من المسلمين بتأسيس مدارس أهلية ، لعل من أقدمها المدرسة الصولتية التي أنشأها في مكة الشيخ محمد رحمة الله الهندي عام 1292 هـ بأموال امرأة هندية اسمها صولت النساء ، ومدرسة دار الفائزين أو المدرسة الإسلامية التي أسسها الشيخ عبد الخالق محمد البنغالي بمكة عام 1304 هـ ، ومدرسة النجاح التي أنشأها عدد من تجار الحجاز بجدة ومكة عام 1317 هـ ، والمدرسة الفخرية العثمانية التي أقامها الشيخ عبد الحق قاري عام 1326 هـ ، والمدرسة الخيرية التي أسسها الشيخ محمد حسين الخياط عام 1326 هـ ، ومدارس الفلاح التي أنشأها محمد علي زينل في كل من جدة عام 1322 هـ ، ومكة عام 1330 هـ .
ومن المدارس الأهلية بالمدينة المنورة : المدرسة الجليلية ، والحميدية ، والشفاء ، والعلوم الشرعية ، وبشير آغا .
وقد كانت هذه المدارس على قلتها نواة للتعليم الحديث بالمملكة .
§     وهكذا يتبين لنا أن التعليم قبل توحيد المملكة تميز بثلاثة أنماط ، تمثلت في الآتي :
1- تعليم تقليدي موروث : تمثل في المساجد وحلقات الدروس في الحرمين الشريفين ، بجانب التعليم في الكتاتيب .
2- تعليم حكومي : يمكن أن يطلق عليه اسم التعليم النظامي الذي اتخذ اللسان التركي لغة له ، وكان في مكة والمدينة .
3- تعليم أهلي : حاول التجديد عن طريق إدخال بعض العلوم المتطورة في مناهجه وأساليبه ، وكانت تتواجد بشكل أكثر في إقليمي الحجاز والأحساء .
ويمكن القول بأن حالة التعليم قبيل ظهور الملك عبد العزيز وتوحيد المملكة كانت متدهورة ، ففي نجد – على سبيل المثال – خبت الحركة التعليمية التي بدأت في عهد الإمام محمد بن سعود ، والإمام محمد بن عبد الوهاب ، باستثناء بعض المدارس في الدرعية ، إضافة إلى الكتاتيب المتناثرة ، إلا أن ذلك لم يمنع وجود بعض العلماء الذي واصلوا جهودهم التعليمية مع هذه الظروف الصعبة ، إذ لم يدخل التعليم الحديث إلا في منتصف القرن الرابع عشر الهجري ، أي بعد دخولها تحت الحكم السعودي الثالث .

ثالثاً : التعليم بعد توحيد المملكة : (الرومي، 2013)
لقد كان عهد الملك عبد العزيز يمثل بداية التعليم الحديث للمملكة والانطلاقة التعليمية التي أشرف على تنفيذها بنفسه ، ووضع الأسس الراسخة للنظام التعليمي ، فبعد أن وحد كلمة هذه الأمة ، وأسس هذه الدولة الفتية على أساس متين من العدل والتمسك بالشريعة الإسلامية دستوراً منظماً وحاكماً لجميع شؤون البلاد والعباد ، التفت إلى التعليم ؛ إيماناً منه بأن نهضة البلاد وتقدمها – بعد الوحدة والتأسيس – لا يتم إلا عن طريق التعليم ، ومن هنا كانت البداية الحقيقية لحركة التعليم المنظمة التي فتحت على إثرها المدارس في شتى أنحاء البلاد في سرعة مذهلة وتنظيم دقيق وإدارة حكيمة .
§     وقد مر اهتمام المملكة العربية السعودية بالتعليم عبر مراحل ، كما يلي :
المرحلة الأولى : مرحلة التأسيس العلمي ( 1319 – 1343 هـ ) :
وقد بدأت منذ أن استرد جلالة الملك عبد العزيز مدينة الرياض عام 1319 هـ ، وانتهت بضم الحجاز إلى دولته عام 1344 هـ ، وقد ركز جلالته في تلك الفترة على تعليم أبناء البادية أمور دينهم ودنياهم بإنشاء الهجر ، وبناء المساجد ، ونشر العلم في القرى الخاضعة لحكمه ، وإرسال الوعاظ والمرشدين إلى تلك المناطق للقيام بمهمة الإرشاد ، وعقد حلقات الدروس في المساجد بعد كل صلاة .
وأول ما فعله جلالته عقب دخوله مكة ، أن عقد أول اجتماع تعليمي مع علماء مكة بالصفا عام 1343 هـ ، حثهم فيه على نشر العلم والتعليم ، وتنظيمه والتوسع فيه ، وتشاور معهم حول الوسائل والأساليب التي تخدم التعليم وتدعمه في المملكة .
المرحلة الثانية : مرحلة الانطلاقة التعليمية ( 1344 – 1373 هـ ) :
وقد بدأت بإنشاء مديرية المعارف عام 1344 هـ ، وهدفها الإشراف على التعليم ، ومتابعة خطواته وتطوراته ، ووضع سياساته وتوجهاته ، وهي مرحلة حافلة بالعطاء والإنجازات والتجارب الإصلاحية التي أجراها جلالته في مجال التربية والتعليم ، ومن تلك الأعمال :
1-  إنشاء مديرية المعارف عام 1344 هـ .
2-  وضع نظام التعليم في المسجد الحرام عام 1345 هـ .
3-  إنشاء أربع مدارس بمكة عام 1345 هـ ، وهي : المدرسة التحضيرية والابتدائية بالشامية وسميت بالعزيزية نسبة للملك عبد العزيز ، والمدرسة التحضيرية والابتدائية بالمعلاة وسميت بالسعودية ، والمدرسة التحضيرية والابتدائية بالشبيكة وسميت بالفيصلية نسبة للملك فيصل ، والمدرسة التحضيرية والابتدائية بالمسعى وسميت بالرحمانية نسبة لوالد الملك عبدالعزيز .
4-  إنشاء المعهد العلمي السعودي بمكة عام 1345 هـ .
5-  ظهور أول منهج للمرحلة الابتدائية عام 1345 هـ ، وكانت أهم خصائصه اهتمامه بالعلوم الدينية وحرصه علـى تزويـد التلميـذ بالقدر الكافي من العلوم التي تمكنه من خدمة وطنه بصورة أفضل ، وكذلك تأكيده على تنميـة الاتجاهات وخاصة حب الوطن ( وزارة التربية والتعليم ، ١٩٨٥ ) .
6- تشكيل مجلس المعارف عام 1346 هـ ، الذي يعد اللبنة الثانية في بناء السياسة التعليمية ، وكان هدفه الإشراف على تنفيذ السياسة التعليمية ، وتنظيم مراحل التعليم ، وكان يعتبر أعلى سلطة تعليمية في المملكة وأصبحت مديرية المعارف تمثل السلطة التنفيذية لسياسة التعليم . وقد جاء في قرار إنشائه أن عليه وضع نظام تعليمي في الحجاز ، يلتزم مراعاة توحيد التعليم ، والسعي لجعل التعليم الابتدائي إجبارياً ومجانياً .
7-  إنشاء مدرسة للمطوفين عام 1346 هـ مقرها الحرم المكي الشريف ؛ نتيجة جهل بعض المطوفين بأمور الحج وشكوى الحجاج من ذلك ، وكانت مدة الدراسة سنة واحدة.
8-  صدور نظام المدارس عام 1347 هـ ، وهو أول نظام للتعليم في المملكة ، حيث قام بتحديد مراحل التعليم إلى أربع مراحل ( تحضيري ، ابتدائي ، ثانوي ، عالي ) ، وتوحيد التعليم والسعي لجعل التعليم الابتدائي إلزاميًّا ومجانيًّا ، والاستعانة باستقدام المعلمين من الخارج .
9-  إنشاء مدارس البترول بالمنطقة الشرقية ، ومدرسة الأمراء الخاصة بأبناء الملك وأحفاده عام 1354 هـ .
10-  صدور نظام البعثات عام 1355 هـ .
11-  صدور نظام المدارس الأهلية عام 1357 هـ .
12-  دمج المرحلتين التحضيرية والابتدائية في مرحلة واحدة اسمها الابتدائية مدتها ست سنوات عام 1361 ه ، وقد كانت المرحلة التحضيرية مدتها ثلاث سنوات ، والمرحلة الابتدائية مدتها أربع سنوات .
13-  صدور نظام المدارس القروية عام 1364 هـ .
14-  إنشاء مدرسة دار التوحيد بالطائف عام 1364 هـ ، وهدفها تخريج قضاة للمحاكم الشرعية .
15-  إنشاء كلية الشريعة بمكة عام 1369 هـ ، وهي نواة هذه الجامعة ، جامعة أم القرى ، والكلية الأم فيها ، كما أنها تشكِّل مع افتتاح كلية الشريعة بالرياض عام 1373 هـ نواة التعليم العالي في المملكة .
ومن أهم سمات هذه المرحلة أن التعليم سار خلالها بخطى وثَّابة سريعة ؛ وذلك راجع إلى دخول البترول السعودي مرحلة الإنتاج العالمي الذي وفَّر للدولة من الأموال ما جعلها تنفق على قطاع التعليم بسخاء ، معلنة بذلك دخول المملكة في عهد التعليم الحديث . ( حكيم ، 2012 ، ص 17 )
المرحلة الثالثة : التوسع العلمي ( 1373 - 1390 هـ ) : ( الغامدي ، 2005 )
وفي هذه الفترة تم صدور المرسوم الملكي عام 1373 هـ بتحويل مديرية المعارف العمومية إلى وزارة للمعارف ، أسندت للأمير فهد بن عبد العزيز آنذاك ، وهدفها التخطيط والإشراف على التعليم العام للبنين ، وبعد انتقال الوزارة إلى الرياض عام 1376 هـ  اُستُحدث بمكة إدارة للتعليم ، وفي هذه المرحلة أيضاً أنشئت جامعة الملك سعود عام 1377 هـ ، والرئاسة العامة لتعليم البنات عام 1380 هـ ، وإنشاء اللجنة العليا لسياسة التعليم عام 1383 هـ ، وظهور إدارة المناهج عام 1384 هـ ، التي تولت القيام بالدراسات العلمية بشأن المناهج والكتب الدراسية ، وكان من نتائج ذلك ظهور منهج جديد للمرحلة الابتدائية أقر تطبيقه بدءاً من العام الدراسي 88/1389 هـ ، وقد تميز بما صاحبه من توصيات تربوية توضح أهداف المرحلة ، وأهداف تدريس كل مادة .

المرحلة الرابعة : التخطيط التعليمي ( 1390 – 1423 هـ ) :
وفي هذه الفترة تم صدور وثيقة سياسة التعليم في المملكة ، وربط التخطيط الشامل بالخطط الخمسية ، واستحداث اثنين وأربعين إدارة تعليم على مستوى المملكة ، وتم إنشاء وزارة التعليم العالي ، وإنشاء المديرية العامة للبحوث والمناهج والمواد التعليمية عام 1394 هـ ، وظهور المشروع الشامل لتطوير المناهج عام 1419 هـ .
المرحلة الخامسة : تطبيق المبادرات التعليمية ( 1423 – حتى الآن ) :
وفيها تم دمج رئاسة تعليم البنات مع وزارة المعارف عام 1423 هـ ، وتعديل مسمى وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم عام 1424 هـ ، ودمج وزارة التعليم العالي مع وزارة التربية والتعليم تحت مسمى وزارة التعليم عام 1436 هـ ، وفي هذه المرحلة تم تطبيق عدد كبير من المبادرات التي أسهمت في تطوير التعليم ، ومن أهمها : مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام ( تطوير ) عام 1426 هـ ، ومبادرة التوحيد ( أي توحيد عدد من الوكالات والإدارات المتناظرة بالوزارة ، وتوحيد إدارات التربية والتعليم للبنين والبنات ) ، ومبادرة اللامركزية ، ومبادرات تطوير المناهج ، والتوسع في رياض الأطفال ، ومبادرات تقنية المعلومات والتعاملات الإلكترونية ، وأندية الحي ، وفي عام 1433 هـ تم إنشاء هيئة تقويم التعليم العام عام ، ومركز للخدمات المساندة للتربية الخاصة ، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في التعليم العام .

رابعاً : تطور نظام التعليم العام للبنين : ( العقيل ، 2005 )
أ - التعليم الابتدائي : كان ثمة نوعان من المدارس الابتدائية في المملكة أثناء حقبة مديرية المعارف ، وهما :
1-  المدارس القروية : وهي التي توجد في الريف ، ويقل طلابها عن ستين طالباً ، ويقوم بالتعليم والإدارة فيها معلم واحد أو معلمان ، ومدة الدراسة فيها أربع سنوات .
2-  المدارس الابتدائية : وهي التي توجد في المدينة ، وعدد طلابها ستون فأكثر ، ومدة الدراسة بها ست سنوات .
وقد استمرت هذه الازدواجية في نمط التعليم الذي كان يتلقاه أبناء الوطن إلى أن ألغت وزارة المعارف المدارس القروية عام 1374 هـ ، وأبقت على المدارس الابتدائية المعروفة .
ومع توحيد التعليم في المملكة وجعل التعليم الابتدائي إجبارياً ومجانياً  عام 1346 هـ ، صدر نظام جديد عام 1357 هـ تحقَّقَ بموجبه قيام نظام وطني شامل للتعليم بالمملكة .
وعلى الرغم من حداثة عهد مديرية المعارف عام 1344 هـ إلا أنها قد أدت دورها التربوي في ظروف بالغة الصعوبة ، واستطاعت أن تحقق إنجازات ملموسة ؛ فقد تسلمت مهمة الإشراف على التعليم وعدد المدارس لا يتجاوز أربع مدارس ابتدائية فقط في الحجاز ، زيدت في العام التالي إلى عشر ، ثم توالى إنشاء المدارس حتى بلغ عددها في العام 1372 هـ - آخر عهدها – 306 مدارس منتشرة في أنحاء المملكة ؛ ما أدى إلى قيام وزارة المعارف عام 1373 هـ ، سعياً لحركة واسعة ونشطة لتطوير الدولة ، وقد حظيت الوزارة الأولى للتعليم بأن أوكلت رئاستها إلى الأمير فهد بن عبد العزيز آنذاك ، الذي يعد رائد التعليم في المملكة وراعيه الأول .
وبتتبع مسيرة التعليم في تلك الفترة ، نجد أن وزارة المعارف قد اتبعت سياسة فتح المدارس كلما توافر العدد الكافي من التلاميذ ؛ ولهذا بلغ عدد المدارس في السنة الخامسة لإنشاء الوزارة 518 مدرسة .
وفي سبيل التطوير الجذري للتعليم خطت الوزارة خطوة مهمة ، وذلك بأن وضعت الخطة الخمسية لافتتاح المدارس الابتدائية ، وبدأت تنفيذها منذ العام الدراسي 81-1380 هـ ، بحيث يتم افتتاح مئة مدرسة ابتدائية كل عام دراسي خلال السنوات الخمس حتى عام 84-1385 هـ ؛ وذلك راجع إلى زيادة أعداد الطلاب أضعافاً كثيرة نتيجة للأسباب التالية : ( الريثي ، 2015 ، ص 41 )
1-  النمو السكاني الكبير الذي فاق أكثر النسب العالمية ، وترتب عليه زيادة الشريحة العمرية الصغيرة .
2-  اهتمام الدولة بتوفير الإمكانات المادية لنشر التعليم الابتدائي وتعميمه في كل المدن والقرى والهجر داخل المملكة .
3-  تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية والاستيعاب الكامل لجميع الأطفال في سن المرحلة الابتدائية .
4-  زيادة الوعي الاجتماعي بأهمية التعليم في مستقبل الأبناء .
وقد جاء في مقدمة هذه الخطة أن " التعليم الابتدائي هو الأساس الذي بُني عليه هيكل التعليم برمته ، ووزارة المعارف حريصة كل الحرص على أن ينال هذا التعليم أكبر نصيب من العناية ، للنهوض به كماً وكيفاً " ، وقد تتابع التطور الكمي والكيفي للتعليم الابتدائي بتتابع الخطط الخمسية ، حتى وصلنا اليوم إلى الخطة الخمسية العاشرة .
ب -  التعليم المتوسط :
كانت البداية الرسمية للتعليم المتوسط في المملكة منذ أن تأسست أول مدرسة ثانوية عام 1346 هـ ، وهي المعهد العلمي السعودي بمكة ، ثم ثانوية تحضير البعثات بمكة أيضاً عام 1356 هـ .
واستمر التعليم المتوسط للبنين حتى عام 1377 هـ مدمجاً في المرحلة الثانوية ، التي كانت مدة الدراسة بها ست سنوات ، يحصل الطالب بعد اجتياز السنة الثالثة فيها على شهادة الكفاءة المتوسطة ، وعلى الشهادة التوجيهية بعد اجتيازه للسنة السادسة .
وفي عام 1378 هـ تم تقسيم التعليم الثانوي إلى مرحلتين منفصلتين ، هما : المرحلة المتوسطة ، والمرحلة الثانوية ، مدة كل منهما ثلاث سنوات ، وعلى هذا يعد ذلك العام بداية ظهور التعليم المتوسط كمرحلة تعليمية مستقلة في السلم التعليمي السعودي .
ج - التعليم الثانوي :
يعد المعهد العلمي السعودي الذي افتتح بمكة عام 1345 هـ أول مؤسسة علمية حكومية ثانوية ، وكانت مدة الدراسة به أربع سنوات ؛ لإعداد معلمي المرحلة الابتدائية ، وفي عام 1366 هـ طورت مديرية المعارف هذا المعهد ، فزادت مدة الدراسة به إلى خمس سنوات ؛ بهدف تحسين مستوى الخريجين ؛ كي يتمكنوا من أداء رسالتهم على وجه أفضل ، ولما نجحت تجربة المعهد أنشأت المديرية فرعاً آخر له في عنيزة ، كما ألحق بالمعهد عام 1354 هـ قسم لإعداد معلمين للمدارس الثانوية .
غير أن البداية الحقيقية للتعليم الثانوي بمفهومه الحديث ، الذي يستهدف فتح المجال أمام الطالب لاستكمال دراسته الجامعية ، تعود إلى عام 1355 هـ ، وذلك عندما افتتحت مدرسة تحضير البعثات بمكة ، التي كان الغرض من إنشائها تحضير الطلاب للابتعاث إلى الخارج لاستكمال دراساتهم ، وكانت مدة الدراسة بها خمس سنوات بادئ الأمر ، ثم زيدت إلى ست سنوات ، وعندما كثر الإقبال على هذا النوع من التعليم أنشئت عام 1362 هـ ثانوية طيبة بالمدينة المنورة ، وأخرى بجدة عام 1364 هـ ، ثم ظهرت في العام نفسه مدرسة دار التوحيد الثانوية بالطائف ، ثم توالى إنشاء المدارس الثانوية بالمملكة حسب حاجة المناطق وتوافر الإمكانات .


خامساً : التعليم الرسمي للبنات : ( الرئاسة العامة لتعليم البنات ، 1998 )
تزامنت البدايات الأولى للتعليم الرسمي في المرحلة الابتدائية للبنات في المملكة مع تأسيس الرئاسة العامة لتعليم البنات عام 1380 هـ ، وتم خلالها افتتاح 15 مدرسة ابتدائية ، منها خمس في مكة ، وثلاث في الرياض ، وست في جدة ، وواحدة في الدمام ، ثم تزايدت أعداد المدارس في الأعوام التالية .
أما التعليم المتوسط والثانوي للبنات فترجع بداياته إلى العام الدراسي 83/1384 هـ ، حينما افتتحت الرئاسة العامة لتعليم البنات خمس مدارس متوسطة ، ومدرسة ثانوية كانت ملحقة بمعهد الرياض النموذجي ، وظلت هذه المدرسة هي الوحيدة لتعليم البنات في المملكة حتى بدأت الخطة الخمسية الأولى عام 1390 هـ ، حيث افتتح معها تسع مدارس ثانوية حكومية للبنات ، إلى جانب أربع مدارس ثانوية أهلية للبنات .
سادساً : أهم جوانب التطور الكيفي في مجال مناهج التعليم بالمملكة :
( العقيل ، 2005 )
1-      ربط المناهج بواقع المجتمع ، والتركيز على الاتجاه الإسلامي عقيدة ومنهجاً وأسلوباً .
2-      ربط المناهج بخطط التنمية وحاجاتها بالمملكة .
3-      ربط المناهج بمطالب العصر ومظاهر التقدم ، مع المواءمة بين الأصالة والمعاصرة في هذا المجال .
4-      إدخال التقنيات الحديثة في التعليم ، وخاصة تقنية الحاسب الآلي .
5-      إدخال مادة التربية الوطنية في كافة مراحل التعليم العام .
6-      تضمين المناهج والمقررات نصوصاً عن التعليم الفني والتربية البيئية ، لتحسين اتجاهات التلاميذ نحو التعليم الفني .
7-      الاعتماد على الأهداف السلوكية في توجيه التعليم والتدريس .






المراجع

1-              العقيل ، عبدالله بن عقيل ( 2005 ) . سياسة التعليم ونظامه في المملكة العربية السعودية . ( ط 1 ) . الرياض : مكتبة الرشد .
2-              حكيم ، عبد الحميد عبد المجيد ( 2012 ) . نظام التعليم وسياسته . ( ط 1 ) . القاهرة : إيتراك للطباعة والنشر .
3-              الريثي , حسن جابر ( 2015 ) . درجة تضمين المفاهيم المرورية في كتب الدراسات الاجتماعية والوطنية المطورة بالتعليم العام السعودي في ضوء مفاهيم التربية المرورية الدولية . رسالة ماجستير في المناهج وطرق تدريس الدراسات الاجتماعية . جامعة أم القرى .
4-              الغامدي ، حمدان أحمد ، وعبد الجواد ، نور الدين محمد ( 2005 ) ، تطور نظام التعليم في المملكة العربية السعودية . ( ط 2 ) . الرياض : مكتبة الرشد .
5-              الرومي ، أحمد ، والسويداني ، عامر ( 2013 ) . التعليم السعودي خلال 90 عاماً . مجلة المعرفة : عدد ( 223 ) .
6-              وزارة التربية والتعليم . ( ١٩٨٥ ) . فصول في تاريخ التعليم في المملكة : التعليم الابتـدائي ، الرياض : مطابع وزارة التربية والتعليم .

7-              وزارة التربية والتعليم . ( ١٩٩٨ ) . مسيرة تعليم البنات بالأرقام خلال تسعة وثلاثين عامـاً ( ١٤١٩ / ١٨١٣٨٠هـ ) الرياض : مطابع وكالة الوزارة للتخطيط والتطوير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق