الخميس، 25 مايو 2017

مدخل اقتصاديات التعليم ..!



هناك العديد من المفاهيم والقضايا المرتبطة باقتصاديات التعليم؛ نظراً لحداثة هذا العلم؛ وعلاقاته مع العلوم الأخرى، ومن أهم هذه المفاهيم ما يلي: ( أخضر، 2003)
1- الاقتصاد هو النشاط البشري الذي يشمل إنتاج وتوزيع وتبادل واستهلاك السلع والخدمات
2- التعليم: حصيلة ما يكتسبه الفرد من معارف ومعلومات من جهة، ومهارات وقدرات من جهة أخرى، واتجاهات وقيم من جهة ثالثة، تؤهله لممارسة عمل معين، وتطوير إنتاجيته كما ونوعا.
3- الكلفة: هي الأموال المنفقة على الخدمات التعليمية لتحقيق الأهداف المحدودة.
4- الفائدة: هي العائد المادي الذي ينتج عن الخدمات التعليمية، سواء كان المستفيد هو الفرد أو اﻟﻤﺠتمع بشكل عام.
5- معدل العائد: هو النسبة بين الفائدة المادية العائدة عن برنامج تعليمي معين , وبين كلفة هذا البرنامج.
6- الخيارات: هي البدائل الممكنة المتعلقة بالنظم التعليمية أو بالوسائل الخاصة بهذه النظم والتي يمكن اختيار الأمثل منها .
7- مصادر التمويل: هي الجهات التي تتحمل كلفة الخدمات التعليمية وهي إما أن تكون مصادر داخلية كالرسوم الدراسية، والمشاركة المجتمعية. وقد تكون مصادر خارجية كتخصيص مبالغ معينة من الميزانية العامة للدولة للإنفاق على التعليم.
8- الكفاءة والفاعلية والتقييم: تعني جودة الخدمات التعليمية وملاءمتها للحاجات التنموية ومتطلبات المجتمع، بأقل جهد ووقت وتكلفة.
9- الكفاءة: تعني الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لتحقيق الهدف المنشود بأقل التكاليف والجهود والأوقات، والحصول على أعلى المخرجات من أقل المدخلات.
10- الفاعلية: أداء الأمور الواجب أداؤها فقط.
11- تنمية الموارد البشرية: تعني أن يكون الإنسان هو صانع التنمية ومشارك فيها.
12- التنمية البشرية: تعني أن يكون الإنسان هو المستفيد من هذه التنمية .
13- الطلب: هو كمية المنتج أو الخدمة المرغوبة من قبل المشترين.
14- العرض: يمثل كمية ما يستطيع المنتجون (السوق) عرضه للمستهلكين.
15- التضخم: هو انخفاض في قيمة العملة, فعندما تزداد كمية العملة التي يتداولها الناس بسرعة أكبر من تزايد المنتوجات التي يستطيعون اقتناءها؛ فإن العملة تفقد من قيمتها.
16- الاستثمار: هو توظيف المال في أي نشاط أو مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد
17- الاستهلاك: ذلك الجزء من الدخل الذي يُستعمل لاقتناء السلع والخدمات؛ من أجل تلبية أو إشباع حاجات معينة مشروعة.
18- التنمية الاقتصادية: عملية تهدف لرفع مستوى الدخل القومي، بحيث يترتب تباعاً على هذا ارتفاع في متوسط نصيب دخل الفرد.
19- التنمية الاجتماعية: دراسة تهتم بتغير المجتمع من حيث بناءه، فهي العملية الهادفة التي تؤدي إلى تنمية الوعي والاعتماد بين المواطنين؛ من خلال تنمية قدراتهم على تحمل المسؤولية في مواجهة مشكلاتهم.
20- النمو الاقتصادي: هو التحول التدريجي للاقتصاد عن طريق الزيادة في الإنتاج .
21- رأس المال: مجموع السلع التي توجد في وقت معين وفي اقتصاد معين، يساعد على توسيع الإنتاج .
22- السلع: هي مجموعة من المنافع التي يحصل عليها المستهلك لإشباع احتياجاته.

ثانياً: العلاقة بين الاقتصاد والتعليم: (اللواتي، 2010)
تطورت العلاقة بين الاقتصاد والتعليم عبر ثلاث مراحل، وهي:
المرحلة الأولى: كان للتعليم والتعلم دور بارز في تطوير عمل الإنسان والتأثير على ناتج عمله في جميع مراحل تطور الإنسانية، ولقد توجه اهتمام الاقتصاديين في هذه المرحلة إلى مهارة العاملين نتيجة للتعليم والخبرة من خلال العمل، دون أن يرتقي إلى درجة الاهتمام بالعوامل الأخرى للإنتاج.
أما إخضاع النشاطات التعليمية لمعايير اقتصادية فقد تنبه لها المصلح الاجتماعي آدم سميث، الذي دعى إلى جعل المؤسسات التعليمية أكثر كفاءة وفاعلية في مجال إعداد الفرد للحياة الاجتماعية، والتعليم في نظره حق اجتماعي وتوفيره من قبل الدولة مسألة أخلاقية، وقد أكد على ضرورة توجيه نفقات معينة للنشاطات التعليمية والتي ستؤدي في النهاية إلى تكوين ما يسميه ( رأس المال) المتمثل بالمعرفة والعلم وكيفية استخدامها من قبل الإنسان.
ومنهم من أضاف على هذا المنهج إلى أن ظهرت أفكار مارشال الذي أشار مباشرة إلى أن التعليم يعد استثماراً اجتماعياً ذا مردود اقتصادي عالٍ يبرر توجيه نفقات للاستثمار في هذا المجال سواء من قبل الدولة أو المواطنين.
المرحلة الثانية: وقد شملت الاهتمام بالموضوعات الاقتصادية في التعليم خلال القرن العشرين، نتيجة تراكم الخبرات النظرية حول أهمية التعليم ودوره في النمو الاقتصادي، حيث اتسمت هذه المرحلة بأن الدراسات التي أجريت فيها اتخذت طابعاً تطبيقياً وميدانياً، واتسع نطاقها وشموليتها، حيث تناولت مجالات لم تكن معروفة من قبل مثل: عناصر الكلفة والفاعلية والنوعية، وكمية النفقات التعليمية، وأساليب الإنفاق وفاعليتها، وأوجه العائد الفردي للتعليم، والدوافع الاقتصادية في التعليم.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة ما تسمى بالاستقرار في المفاهيم والتعريفات، وقد اتفق فيها مجموعة من العلماء على تحديد مجالات البحث في اقتصاديات التعليم.

ثالثاً: أ- مفهوم رأس المال البشري ونشأته :
رأس المال البشري يعني حصيلة المعارف والمهارات والاتجاهات التي يحصل عليها الإنسان عن طريق نظم التعليم النظامية، وغير النظامية، والتي تزيد من إنتاجيته وتحسنها. (أخضر، 2003)
رأس المال البشري هو كل ما يزيد من إنتاجية العمال والموظفين من خلال المهارات المعرفية والتقنية التي يكتسبونها من خلال العلم والخبرة. (ربيحة، 2015)
وقديماً كان العامل الأساسي في التنمية الاقتصادية هو رأس المال المادي ، واستمرت هذه النظرية حتى أواسط الخمسينات من القرن العشرين، بيد أن علماء الاقتصاد بدؤوا يهتمون بمجموعة من العوامل الداخلة في الإنتاج، سواء كانت إنتاجية: كالنقل والطاقة والاتصالات، أو غير إنتاجية: كالتعليم والعلم والصحة، وهذا ما فتح الباب أمام اعتبار العنصر البشري من أهم العوامل في الإنتاج وقوته المحركة.
ومن هنا بدأ مصطلح رأس المال البشري يستخدم منذ أوائل الستينات من القرن العشرين، وهذا ما تؤكده كتابات شولتز عام 1961م، وهناك بعض الباحثين الذين يعيدون بدايات الاهتمام برأس المال البشري إلى آدم سميث في القرن الثامن عشر.
ومما يعزز ويدلل على قيمة وأهمية رأس المال البشري، تلك النهضة السريعة للدول التي دُمرت أثناء الحرب العالمية الثانية، فقد كانت التقديرات الأولى تعطي زمناً أطول لقيام اقتصادياتها من جديد، وهي تقديرات أهملت الدور الذي يقوم به رأس المال البشري في الإنتاج. ( المرصفي، 2001)

ب-  سبل التنمية والتطوير في رأس المال البشري:
مما لا شك فيه أن للتربية دور رئيسي ورائد في تطوير المجتمعات ونموها، ذلك أن قوة الأمم والشعوب لا تقاس فقط بما تملكه من أدوات وأسلحة حربية، وإنما المعول الأول هو القوة البشرية القادرة المدربة، بحيث يمكن لهذه أن تحدث تجديداً وتطويراً في جميع مناشط الحياة في المجتمع في أقل وقت ممكن، وحتى القوة العسكرية لا يكتب لها النجاح إلا بمقدار ما يتملكه الأفراد داخل المجتمع من علم ومهارة، وهي بلا شك نتاج للعلم وتجاربه.
فالتقدم الصناعي والتكنولوجي، وثورة المعارف الإنسانية أوحت إلى الإنسان أن المعرفة هي الطريق الوحيد للتقدم، وأن جمود الفكر هو من أشد الأخطار على تقدم البشرية جمعاء.
من هنا أصبح التعليم وسيلة أصيلة في تملك الجماعة للعلم، وتسلحها بالمعرفة؛ من أجل النهوض بالمجتمع وتقدمه اقتصادياً واجتماعياً.
فالتعليم إذن يهدف إلى تنمية الإنسان، وبنائه بناء متكاملاً، وإعداده للحياة الاجتماعية، وتدريب القوى البشرية العاملة في الإنتاج الاجتماعي؛ وبهذا يمكن أن يكون التعليم من العوامل المساندة في التنمية الاقتصادية، ويشترط أن ينتج من المتعلمين ما يحتاجه المجتمع من القوى العاملة بالكميات والنوعيات المطلوبة. ( المرصفي، 2001)

رابعاً: أ- مفهوم علم اقتصاديات التعليم:
لتعريف مسمى هذا العلم نعرف جزءاه وهما الاقتصاد والتعليم، فبينما يرتكز علم الاقتصاد على دراسة البدائل المتاحة لإنتاج الموارد المرغوبة وتوزيعها، فإن عملية التعليم هي حصيلة ما يكتسبه الفرد من معارف ومعلومات من جهة، ومهارات وقدرات من جهة أخرى، واتجاهات وقيم من جهة ثالثة، تؤهله لممارسة عمل معين، وتطوير إنتاجيته كما ونوعا، وتلبية احتياجات سوق العمل.
وعليه يصبح مفهوم علم اقتصاديات التعليم: اختيار البديل من البرامج التعليمية الذي يحقق الأهداف التعليمية بأعلى منفعة، مع مراعاة انسجامها مع البيئة، والكفاية التمويلية لها؛ لضمان أعلى مردود ممكن بأقل تكلفة ممكنة. (أخضر،2003)
ويقوم علم اقتصاديات التعليم بتطبيق المفاهيم الاقتصادية على العمليات التربوية بالبحث الاقتصادي ؛ ليتم تقويم التربية اقتصادياً، كما أنه هو العلم الذي يهتم بالعلاقات المتبادلة بين الاقتصاد والتعليم، وذلك لدور التعليم في النمو الاقتصادي من ناحية، ودور الاقتصاد في التعليم من ناحية أخرى، وإلى الاهتمام بتفادي الهدر فيما ينفق على التعليم، مع التأكد من كفاءة النظام التعليمي وجودة مدخلاته المختلفة، والاهتمام بتنويع مصادر تمويل التعليم. فبعد أن كان ينظر للتعليم على أنه خدمة اجتماعية فقط، أصبح ينظر إليه كعملية استثمارية في العنصر البشري تخضع للربح والخسارة، وتراعي بعض المعايير الاقتصادية، كحسابات الكفاءة والفاعلية باعتبار أن الاستثمار في التعليم هو الطريق للنمو الاقتصادي، وبما أن للتعليم بعدين أساسيين، هما: خدمة اجتماعية من جهة، واستثمار في العنصر البشري من جهة أخرى؛ لهذا فهو نشاط ذو جدوى اقتصادية؛ وعليه فإن الاهتمام بتنمية الموارد البشرية أو التنمية البشرية لا يجب أن يقتصر فقط على التربويين، بل يجب أن يشمل الاقتصاديين بالقدر نفسه أيضاً؛ فالتعليم سبب للتطور الاقتصادي، وهو نتيجة له أيضاً.
وقد عرف كوهن اقتصاديات التعليم بأنه "دراسة كيفية اختيار المجتمع وأفراده استخدام الموارد الإنتاجية؛ لإنتاج مختلف أنواع التدريب، وتنمية الشخصية من خلال المعرفة والمهارات وغيرها، اعتماداً على التعليم الشكلي خلال فترة زمنية محددة، وكيفية توزيعها بين الأفراد والمجموعات في الحاضر والمستقبل". (اللواتي، 2010)
§        ومفهوم هذا العلم من وجهة نظر (الغنام، 1983) هو " العلم الذي يبحث أمثل الطرق لاستخدام الموارد التعليمية مالياً وبشرياً وتكنولوجياً وزمنياً، من أجل بناء البشر (بالتعليم والتدريب) بناءً شاملاً متكاملاً، حاضراً ومستقبلاً، فردياً واجتماعياً، ومن أجل أحسن توزيع ممكن لهذا البناء".
وقد ركز هذا التعريف على ما يلي:
1- ضرورة الاستخدام الأمثل للموارد التعليمية على اختلاف أنواعها؛ وذلك للحد من زيادة نفقات التعليم.
2- اختيار أفضل الطرق وفقاً لمعايير مقبولة ومناسبة لتحقيق الأهداف.
3- التركيز على بناء البشر بناء شاملاً متكاملاً، ويقصد بالشمول أن يتم البناء البشري من جميع النواحي الجسمية والعقلية والخلقية والاجتماعية وغيرها، ويعني التكامل ألا يتم النمو في ناحية على حساب ناحية أخرى، وهذا ما يكسب العلم صفة الإنسانية، ولا تجعله مجرد علم تجاري يركز في التعليم على عائده المادي ويهمل باقي الجوانب.
4- التكامل بين التعليم والتدريب سواء أثناء الدراسة أو بعدها في مجالات العمل، وهي من المطالب الحيوية في عصر العلم والتكنولوجيا لمقابلة التغيرات في المهن.
5- التكامل بين البناء الفردي والاجتماعي، والجمع بين الحاضر والمستقبل ومحاولات تطويره.
6- التأكيد على العدالة في توزيع التعليم والتدريب بين الأفراد والجماعات، وهذا أيضاً ما يوافر النزعة الإنسانية في هذا العلم.
7- يتفق هذا التعريف مع تعاليم الدين الإسلامي الذي يؤكد على الاقتصاد في النفقات، والاعتدال في الأمور، والشمولية في تربية البشر.

ب- نشأة علم اقتصاديات التعليم وتطوره: (عابدين، 1989)
هناك شبه إجماع بين العديد من المتخصصين على أن بداية الستينات من القرن العشرين هي بداية هذا العلم، وقد عرف بمسماه (علم اقتصاديات التعليم(  في عام 1960م على يد ثيودور شولتز، على الرغم من جذوره التاريخية البعيدة، التي تمتد إلى أيام أفلاطون وبعض حكماء الصين قبل الميلاد؛ فقد أشار أحد حكماء الصين القدماء إلى أفضلية الاستثمار في البشر من خلال التعليم، بالمقارنة بأوجه الاستثمارات المادية الأخرى؛ حيث أوضح أن الحبوب التي يزرعها الإنسان مرة يحصدها مرة، والشجرة التي يغرسها الإنسان ربما يقطفها عشر مرات، أما إذا علمنا الشعب فسنحصد مئة مرة.
ونجد أن ابن خلدون في القرن الثامن الهجري يركز على تنظيم التعليم، وعلى القوى الثقافية المؤثرة فيه، ففي مقدمته المشهورة هناك فصلاً عنوانه " في أن الصنائع تكسب صاحبها عملاً "، وهو يبين أن الصنائع من مستلزمات الحضارة، وأن الأمصار إذا قاربت الخراب انتقصت منها الصنائع، وأن الصنائع لا بد لها من العلم، كذلك فإن العلم يفيد في الصنائع الشيء الكثير، وهذه النظرة إلى التعليم كوسيلة من وسائل كسب الرزق لم تطغ على قيمته المعنوية وإلى النظرة إليه كلذة عقلية وكمطلب مقصود لذاته.
ولقد حظي التعليم منذ القدم باهتمام العديد من المتخصصين البارزين في الاقتصاد أمثال آدم سميث، وألفريد مارشال، وجون ستيوارت ميل، وغيرهم، ولقد ركز هؤلاء على أهمية نمو المعارف والمهارات البشرية من خلال العمليات التربوية ، وألمحوا إلى أن ذلك يسهم في زيادة الإنتاجية وتنمية الاقتصاد.
وعلى الرغم من هذه الإرهاصات البعيدة، إلا أن هذا المجال باعتباره علماً له نظرياته ومجالاته المميزة والجديرة بالدراسة لم يتضح إلا حديثاً.

خامساً: أ- مجالات علم اقتصاديات التعليم:
من أبرز مجالات علم اقتصاديات التعليم ما يلي: (عابدين، 1989)
1- التعليم بين الاستهلاك والاستثمار:
يرتبط هذا المجال بحساب معدلات العائد من التعليم فردياً واجتماعياً، وكذا دور التعليم في النمو الاقتصادي، فضلاً عن دوره في التنمية الشاملة بصفة عامة.
لقد نظر إلى التعليم قديماً على أنه مجرد خدمة تقدم للأفراد دون انتظار عائد من ورائها؛ ومن هنا نظر إلى الإنفاق على التعليم على أنه استهلاك لا كبير عائد منه، وفي الوقت نفسه نظر إلى الإنفاق على بناء المصانع واستصلاح الأراضي وغيرها من الأمور المادية على أنها استثمار في جملتها؛ نظراً لسرعة العائد منها وضخامته في معظم الأحيان. ومن هنا توجهت معظم الميزانيات في الماضي إلى الجوانب أو القطاعات المادية، وأهمل التعليم إهمالاً كبيراً.
وبمرور الوقت لاحظ العديد من المتخصصين فروقاً جوهرية بين العامل المتعلم والعامل الأمي لصالح المتعلم؛ وذلك في العديد من المجالات مثل القدرة الإنتاجية، وسرعة مواكبة التطورات أو التحسينات في أساليب الإنتاج، وحسن التعامل مع الزملاء، والعلمية في التعامل مع الإشاعات ... إلخ، ومن هنا بدأت النظرة إلى الإنفاق على التعليم تتغير تدريجياً، حيث زاد الاعتقاد بأن تعليم الإنسان يصقل مهاراته وقدراته ويكسبه العديد من الصفات بما يفيده في حاضره ومستقبله، بشكل يفوق ما أنفق عليه من وقت وجهد ومال. وفي مقدمة الاقتصاديين الذين اهتموا بالآثار الإيجابية للتعليم آدم سميث في كتابه (ثروة الأمم، 1776)، وألفريد مارشال، وجون ستيوارت ميل، وغيرهم.
2- تكلفة التعليم وتمويله:
من أسباب الاهتمام بدراسة هذا المجال، مايلي:
·     إيجاد نوع من التناسق بين الميزانية المخصصة للتعليم وغيرها من الميزانيات المخصصة لقطاعات الإنتاج والخدمات الأخرى.
·     التأكد من أن المؤسسات التعليمية تجيد استغلال الموارد التي تخصص لها في الأوقات المحددة.
·     تعتبر دراسة تكلفة التعليم في ماضيها وحاضرها أحد العوامل المساعدة في تقدير كلفة التعليم مستقبلاً.
·     دراسة الأسباب التي أدت إلى زيادة تكلفة التعليم من سنة إلى أخرى، كالزيادة السكانية، وإطالة عدد سنوات التعليم الإلزامي المجاني، والاهتمام بعوامل الجودة في التعليم، والتوسع الكمي والكيفي في التعليم العالي، وارتفاع الأسعار بشكل عام. ما أدى إلى محاولة التغلب على هذه المشكلات بطرائق متعددة، منها خصخصة التعليم، أو محاولة خفض التكلفة دون التضحية بالجودة، وغير ذلك من الطرائق التي تناسب ظروف كل دولة على حدة.
3- الكفاءة والإنتاجية في التعليم:
وهذا المجال يهدف إلى التأكد من أن الموارد التي خصصت للتعليم تكون مستخدمة لأقصى حد ممكن من الفعاليات، ويحدث هذا الاهتمام في أوقات الأزمات المالية بخاصة، حيث توجد ضغوط متزايدة على الموارد الحقيقية المتاحة لمؤسسات المجتمع.
فالكفاءة ترتبط عادة بدرجة الاستخدام الأمثل للإمكانات التعليمية المتاحة (المدخلات)؛ من أجل الحصول على مخرجات تعليمية معينة. أما الإنتاجية فتعني مقدار الوحدة من المخرجات بالنسبة للوحدة من المدخلات، أو إمكان تحسين علاقات المدخلات – المخرجات باستخدام طرائق ومعدات وأساليب جديدة.
والعلاقة بين الكفاءة والإنتاجية قد لا تكون موجبة على الدوام، فيمكن لنظام تعليمي أن يكون ذا إنتاجية متزايدة وكفاءة متناقصة؛ وذلك إذا ما توافرت للنظام التعليمي إمكانات تربوية أكثر وأفضل مقرونة بعدم الاستخدام الأمثل لها.
كما أن الكفاءة التعليمية قد تكون داخلية وتعني قدرة أو فعالية النظام التعليمي على تحقيق أهدافه، وقد تكون خارجية وتعني قدرة النظام على تلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، مع أهمية تحقيق التكامل بين الجانبين من الناحية الكمية والكيفية. وعادة ما يؤدي ضعف التناسق بين أهداف المجتمع وأهداف النظام التعليمي إلى ضعف أو ربما تضاد العلاقة بين الكفاءتين؛ فقد يتميز نظام تربوي بكفاءة داخلية عالية، ومع ذلك يتسم بإنتاجية خارجية منخفضة، كاستغلال النظام لوقته وموارده بكفاءة ولكن في تدريس أو إنجاز أشياء غير مناسبة، كإكساب التلاميذ مهارة إتقان بعض اللغات غير الحيوية، أو تخريج متخصصين مدربين جيداً في تخصصات تفوق احتياجات المجتمع، أو تخريج أعداد قليلة منهم بالنسبة لتخصصات يحتاجها الاقتصاد الوطني من القوى العاملة.
4- مجالات أخرى أكثر حداثة، ومنها: (اللواتي، 2010)
·     عدالة توزيع التعليم والتدريب بين الأفراد والجماعات.
·     تأثير التربية والتعليم على بعض الظواهر مثل الهيكل الوظيفي للقوى العاملة، وعمليات التعيين والترقية للمستخدمين.
·     هجرة القوى العاملة داخل وخارج الدولة.
·     أنماط التجارة الدولية، وتوزيع الدخل بين الأفراد.
·     توقعات النمو الاقتصادي في المستقبل.

ب- مبررات دراسة علم اقتصاديات التعليم: (الصمادي، 2015)
علم اقتصاديات التعليم يستمد أهميته من المبررات والأسباب الآتية :
·إن رأس المال وحده لم يعد أهم مجالات تحقيق التنمية الاقتصادية، فأصبح الإنسان المتعلم له دور كبير ومهم في زيادة الإنتاج، وتحسين العملية الإنتاجية، بعدما كان يعتقد في ذلك هو رأس المال والعمل فقط.
·محاولة الكشف عن أسباب النمو الاقتصادي والاجتماعي، وتفسير أسباب هذا النمو التي عجزت عن تفسيره النظريات الاقتصادية التقليدية، والتي تعتمد على الأرض ورأس المال وحجم العمالة في تفسيره.
·اعتبار التعليم عملية استثمارية اقتصادية في الموارد البشرية، ومجال هام من مجالات الدراسات الاقتصادية، ومن هنا جاء الاهتمام والضرورة التي تحتم المراجعة المستمرة لمناهج التعليم الجامعي، وما تزود به الطلاب من معلومات وقيم ترتبط بأنماط الإنتاج والاستهلاك المنشودة.
·أهمية التعليم في إحداث الاستقرار السياسي والاجتماعي، وهو ما يعتبر شرطاً ضرورياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ فالتعليم يساعد في القضاء على التخلف وتحقيق التنمية.
·التعليم يؤدي لتقسيم العمل؛ مما ينتج عنه تخصصات دقيقة ومهارات محددة، تجعل استخدام  الآلات الحديثة أمراً ميسورأً ومنتجاً، كذلك يعمل التعليم على تخريج  الطبقة الفنية القادرة، التي تمتلك عمق المعرفة واتساع النظرة، والتي تستطيع معها أن تقود التطور الاقتصادي؛ إذ أن التطور الاقتصادي يفتح أسواق العمل للأيدي العاملة المتخصصة، وهو بذلك يمثل مصدراً رئيسياً للدخل بالنسبة للأفراد، وكلما زادت الدخول مع التنمية الاقتصادية للمجتمع، زادت تطلعاتهم الى فرص تعليمية أخرى أعلى وأرقى.

سادساً: علاقة علم اقتصاديات التعليم بغيره من العلوم: (عابدين، 1989)
إن علم اقتصاديات التعليم بموضوعاته ومجالاته المتعددة يشكل جسراً بينه وبين العديد من العلوم، ففي قضايا التمويل وتحديد التكلفة والتنبؤ بها ودراسة العوائد الاقتصادية للتعليم، يكون الاعتماد على علم الاقتصاد، وفي حالة دراسة العوائد الاجتماعية والنفسية يكون الاعتماد على علم الاجتماع أو علم النفس التربوي أو الصحة النفسية أو التربية المقارنة.

سابعاً: أهمية علم اقتصاديات التعليم: ( الصمادي، 2015)
تبرز أهمية علم اقتصاديات التعليم بمضمونه علم ومجال قديماً وحديثاً في الوقت نفسه، حيث بدأت الدراسات العلمية تُنتج هذا العلم في بداية الستينات من القرن الماضي، على الرغم من جذوره التاريخية البعيدة التي تصل الى أفلاطون وما قبله. وكغيره من العلوم فقد اختلف المتخصصون في هذا العلم على تحديد مفهوم واحد له؛ بسبب اختلاف وجهات النظر والتخصصات، والاختلاف حول أصل هذا المجال وحداثتة؛ ففي هذا العلم نجد من يركز على التكلفة للتعليم، وآخر من يركز على العائد الاقتصادي، وآخر يركز على العائد الاجتماعي والنفسي.

وأما حديثاً فتبرز الحاجة الى هذا العلم نتيجة التقدم الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات؛ حيث أدى ذلك إلى حدوث تغييرات جذرية واسعة في أساليب الحياة المعاصرة، وبخاصة في طبيعة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، وتعديل بعض جوانب التشريع، واستحداث بعض التغييرات في النظم والمؤسسات الكبرى في المجتمعات المتقدمة، حيث يوصف المجتمع المتقدم بأنة المجتمع المعاصر أو مجتمع المعلومات التي تتدفق فيه المعلومات بسهولة وغزارة ويُسر؛ بحيث يمكن الحصول عليها من مصادر متعددة ومتنوعة من دون عناء أو تكاليف باهظة، وقد أصبحت المعرفة والإبداع من أهم  العوامل المؤثرة والمحددة في هذه المجتمعات، التي لا تقنع باستخدام المعلومات فقط لفهم واقع الحياة وتفاعلاتها والاستفادة منها في توجيه مختلف أنماط الأنشطة وبخاصة المجال الاقتصادي، وإنما تعمل بالإضافة الى ذلك على إنتاج المعرفة وتسويقها بحيث تصبح مصدراً  اقتصادياً رئيساً، ومن هنا برزت الحاجة والأهمية إلى علم اقتصاديات التعليم.

هناك تعليق واحد: