الاثنين، 22 مايو 2017

التخطيط الإسلامي من حيث المفهوم والمبادئ ..!



أولاً : مفهوم التخطيط كعملية إدارية :
·       التخطيط بشكل عام لا يخرج في إطاره ومفهومه عن اشتماله للعناصر التالية : تفكير ذهني ، تجميع معلومات وتحليلها ، تحديد أهداف وسياسات عامة ، التنبؤ بالأحداث المستقبلية ، تحديد مستلزمات الخطة من عناصر مادية وبشرية ، تحديد إجراءات وأساليب عمل ، وضع مدة زمنية لتطبيق هذه الإجراءات والأساليب في حيز الواقع من قبل الأفراد والمؤسسات ؛ وذلك لبلوغ الغايات والأهداف المحددة سلفاً . ( مطاوع ، 1996 ، ص 135 )
·       ويرى فايول أن التخطيط يعني التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل ، مع الاستعداد لهذا المستقبل . ( الصباب ، 1993 ، ص 90 )
·       ويرى محمد سيف الدين أن التخطيط هو عملية مقصودة تعتمد على طرق البحث العلمي لتحقيق أهداف معينة في ضوء المستقبل . ( حريري ، 2002 ، ص 61 )



ثانياً : مفهوم التخطيط الإسلامي :
·         عرَّف أحد الباحثين التخطيط من المنظور الإسلامي بأنه " أسلوب عمل جماعي يأخذ بالأسباب لمواجهة توقعات مستقبلية ، ويعتمد على منهج فكري عقدي يؤمن بالقدر ويتوكل على الله ، ويسعى لتحقيق هدف شرعي هو عبادة الله وتعمير الكون " . ( البنا ، 1985 ، ص 85 )
·         كما عرفه آخر بأنه " إعمال الفكر في رسم أهداف مشروعة ، مع تحديد الوسائل المتاحة وفق الموارد المباحة شرعاً ، وبذل الطاقات في استثمارها ، لتحقيق الأهداف في أقل وقت ممكن ، مع تعليق النتائج بقضاء الله وقدره " . ( الجريسي ، ص 77 )
·         ومنهم من عرفه بأنه " وظيفة إدارية يقوم بها فرد أو جماعة ؛ من أجل وضع ترتيبات عملية مباحة لمواجهة متطلبات مستقبلية مشروعة ، في ظل المعلومات الصحيحة المتاحة ، والإمكانات الراهنة والمتوقعة كأسباب ، توكلاً على الله عزَّ وجلَّ من أجل تحقيق أهداف مشروعة " . ( المزجاجي ، 2000 ، ص 136 )



ثالثاً : مبادئ أو عناصر التخطيط الإسلامي : ( المطيري ، 2004 ، ص 78 )
ليس ثمة فرق كبير عند إطلاقنا : عناصر التخطيط الإسلامي أو مبادئه ، حيث أن مبادئ الشيء قواعده الأساسية التي يقوم عليها ( مصطفى ، 1960 ، ص 24 ) ، وعناصر الشيء مواده الأساسية أو أجزاؤه المكونة له ( أبو العزم ، 2011 ) ؛ فكلا اللفظين يؤديان المعنى نفسه في حديثنا عن مبادئ أو عناصر التخطيط الإسلامي ، وهي :
1- التفكر والاعتبار :
·     التفكر : هو دراسة الأشياء و تحليلها ، و من ثم ربطها بالحقائق الموضوعية ، بما يتناسب مع العقل و المنطق الصحيحين .
·     وهو تصرف القلب في معنى الأشياء لدرك المطلوب ، وهو التدبر والاعتبار .
·     والتفكر في أي موضوع من المواضيع يعني إعمال الفكر إعمالاً واسعاً وعميقاً ومنظماً ، وتعتبر القدرة على التفكير من الأمور المرغوب فيها أن يتحلى بها الموظف في حل المشكلات التي تواجهه أو القدرة على التخطيط لفكرة معينة في العمل ، ويحرص على تأكيد نجاحها . ( مطاوع ، 1996 ، ص 40 )
يقول تعالى : ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [ الذاريات : 20 - 21 ] ، فكل ما في الأرض يعد مجالاً واسعاً للاستكشاف ، وإعمال الذهن والتدبر ، حتى في تكوين الإنسان الجسمي والعقلي ؛ للاستفادة من ذلك فيما يعود بالخير على البشرية في هذه الحياة ؛ وذلك تحقيقاً لمعنى الخلافة والعبودية لله ، فهو أحد العناصر الرئيسة للتخطيط الإسلامي .

2- تحديد الأهداف :
الأهداف هي الغايات المراد الوصول إليها ، ولا يمكن تصور أي جهد جماعي منتج دون أهداف ، فالأهداف هي نقطة الانطلاق في التخطيط لأنها تحدد الاتجاه العام للمجهودات الجماعية ، كما أن الأهداف تتعلق بالمستقبل وبالآمال المراد تحقيقها في المستقبل . (مطاوع ، 1996 ، ص 138)
يقول تعالى : ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [ القصص : 77 ] ، ففي هذه الآية دلالة واضحة على أن التخطيط في الإسلام بعيد المدى ، حيث يقدم الحياة الأخرى الأبدية على الحياة الدنيوية ؛ مما يتطلب تسخير كافة الإمكانات التي يسَّرها الله للإنسان في هذه الحياة لبلوغ الهدف المراد ، وهي مرضاة الله وجنته والنجاة من النار يوم الحساب . وعلى ضوء ذلك الهدف الرئيس تكون الأهداف الفرعية الدنيوية في هذه الحياة ، ونهاية الآية نفسها يؤكد ذلك بالتحذير الشديد من اتخاذ الفساد في الأرض هدفاً أو غاية .

3- تحديد الأولويات :
وهي تحديد المكانة التي ينبغي أن تعطى للإجراءات ضمن الخطط سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية أو غيرها ، من حيث جملة الميزانية المالية وتوفير القوى البشرية والمادية ، وهذا يتطلب دراسة علمية . ( مطاوع ، 1996 ، 147 )
فحين أمر المولى عزَّ وجلَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالدعوة في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ [ المدثر : 1 - 2 ]  ، فإنه حدد له أولوية دعوة الأقربين من عشيرته بقوله تعالى : ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [ الشعراء : 214 ] . ( الجريسي ، ص 77 )

4- استثمار جميع الموارد المتاحة :
يقصد بذلك تعيين الوسائل والأدوات اللازمة لإنجاز ما ورد في الخطة من أعمال ، وتشكل هذه الموارد كافة القوى البشرية والمادية والأموال اللازمة لتحويل الخطة من حالة سكون على الورق إلى حالة حركة وحياة سعياً وراء الأهداف . ( الصباب ، 1993 ، ص 104 )
يقول تعالى : ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفُلكَ لِتَجرِيَ فِي البَحرِ بِأَمرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنهارَ ﴿٣٢ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمسَ وَالقَمَرَ دائِبَينِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهارَ ﴿٣٣ وَآتاكُم مِن كُلِّ ما سَأَلتُموهُ وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّـهِ لا تُحصوها إِنَّ الإِنسانَ لَظَلومٌ كَفّارٌ [ إبراهيم : 32 - 34 ] . ( الجريسي ، ص 78 )

5- بذل الأسباب والوسائل المشروعة :
ومعنى ذلك أن المخطط لا يقوم بالتخطيط لأمر مشروع ويكتفي بتفويض أمره لربه لينتظر حصول ذلك الأمر دون السعي وراءه ، بل الطريق أن يشرع في طلبه على الوجه الذي شرعه الله تعالى فيه ( الطرطوشي ، ص 152 ) ؛ وذلك بأن يتخذ الإنسان أحسن السبل وأفضل الطرق التي توصله إلى تحقيق أهدافه وغاياته فيما فيه قوام حياته على أكمل وجه . ( مركز الفتوى ، 2002 ، رقم الفتوى 21852 ) 
يقول تعالى : ﴿ وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ . . . [ الأنفال : 60 ] ؛ ففي الآية الكريمة تأكيد على أهمية التخطيط ﴿ وَأَعِدّوا لَهُم ، وبذل أقصى ما يمكن من جهود وإمكانات ﴿ مَا استَطَعتُم ، من أجل بناء القوة المناسبة ﴿ مِن قُوَّةٍ ، للتطبيق المناسب بالعمل المادي ﴿ وَمِن رِباطِ الخَيلِ . . . ، وحيث أن كلمة قوة هنا جاءت نكرة ولم تُعرَّف دلالة على أنها ليست قوة عسكرية فقط ، بل تشمل جميع أنواع القوة ، سواء كانت بدنية أو فكرية أو مدنية أو إيمانية بالإضافة إلى العسكرية .

6- الشورى الإيمانية مع ذوي الاختصاص :
وتعني المشاركة وذلك بألا ينفرد واحد بوضع الخطة ، بل لا تنفرد جهة واحدة ؛ فهي عملية متعددة الجوانب تمس مصالح كثيرة وتخصصات متنوعة ، مما يحتم أن يتعاون كثيرون من المتخصصين والخبراء على ذلك ، وقد تكون المشاركة عن طريق إسهام الهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية في عملية التخطيط تمتد إلى الحاجة للمشاركة من أجل تنفيذ الخطة ، فالمنفذ لا يمكن أن ينفذ بدقة وإتقان إذا افتقد المعلومات الضرورية المرتبطة بالخطة . ( حريري ، 2002 ، ص 66 )
يقول تعالى : ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [ آل عمران : 159 ] ، وكان هذا المبدأ ميزة قائد الأمة الرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يقول دائماً : " أَشيروا أيُّها النَّاسُ علَي " ، كما أن الله تعالى جعل الشورى صفة ملازمة للمؤمنين ، حيث يقول تعالى : ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ  [ الشورى : 38 ] . وقال في ضرورة الاستعانة بأهل الاختصاص من أهل الإيمان : ﴿ فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ  [ النحل : 43 ] . كل ذلك للدلالة على أهمية تجميع المعلومات اللازمة عند وضع الخطة من ناحية ، ولتطبيق هذا المبدأ من ناحية أخرى ؛ ليكون حافزاً للمشاركين في تنفيذ الخطة فيما بعد على الوجه المطلوب .

7- تحديد المدة الزمنية والمرحلية :
البرنامج الزمني عبارة عن بيان يوضح فيه العمليات المطلوب تنفيذها في كل خطوة ، ويحدد فيه ميعاد الابتداء وميعاد الانتهاء من كل خطوة يتقرر تنفيذها ، ويشمل البرنامج الزمني عدد من السياسات والإجراءات والموازنات التخطيطية ، وبمجرد الوصل إلى الهدف وتحقيق الخطة ينتهي مفعول البرنامج ومهمته بعد استنفاذ أغراضه . ( مطاوع ، 1996 ، ص 150 )
يقول تعالى مخاطباً المؤمنين : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [ الحشر : 18 ] للتأكيد على أن التخطيط عملية مستمرة وشاملة ، فهو يعني التفكر والتأمل والدراسة والتحليل لجميع الجوانب ؛ وذلك استعداداً لما يواجه الإنسان المؤمن في مستقبله القريب أو البعيد . كما يدل على أهمية الوقت والمرحلية آيات كثيرة منها ما تعلق بنزول القرآن ذاته منجَّماً ومفرَّقاً حسب الحوادث والأحوال في مددى ثلاث وعشرين سنة ، حيث لم ينزل دفعة واحدة ، ومنها ما يتعلق بمراحل تحريم الخمر مثلاً .

8- التوكل على الله وتعليق النتائج بمشيئته :
يقول الإمام ابن قيم الجوزية عن التوكل : " حال للقلب ينشأ عن معرفته بالله ، والإيمان بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع  والعطاء  والمنع ، وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس ، وما لم يشأ لم يكن وإن شاءه الناس ، فيوجب له هذا اعتماداً عليه ، وتفويضاً إليه ، وطمأنينة به ، وثقة به  ، ويقيناً بكفايته لما توكل عليه فيه  " ، وقال أيضاً : " وأجمع القوم على أن التوكل لا ينافي القيام بالأسباب ، فلا يصح التوكل إلا مع القيام بها ، وإلا فهو بطالة وتوكل فاسد " . ( ابن قيم ، ج1 ، ص 93 ، ج2 ، ص 121 )
فالتخطيط في الإدارة الإسلامية ما هو إلا من قبيل " اعقلها وتوكل " [ حديث حسن ] ، وليس من باب التدخل في علم الغيب ، والادعاء بالمعرفة التامة بمستقبل الفكر والأداء والإنجاز . إذ أن التخطيط الإداري الحديث لا يعير هذا الجانب أي اهتمام ؛ فكل البيانات والمعلومات والتوقعات إنما هي وسيلة ( سبب ) ، وليست غاية في حد ذاتها . ( المزجاجي ، 2000 ، ص 138 )
يقول تعالى : ﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ وَكَفَى بِاللَّـهِ وَكِيلًا  [ الأحزاب : 48 ] ، ففي الآية توجيه إلى ضرورة التوكل على الله ، وقوله تعالى ﴿ وَلا تَقولَنَّ لِشَيءٍ إِنّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا * إِلّا أَن يَشاءَ اللَّـهُ       [ الكهف : 23 - 24 ] ؛ للدلالة على أنه مهما كانت المدة أو زمن الخطة قصير لبلوغ الهدف فإنه لابد من ربطها بمشيئة الله سبحانه وتعالى قولاً وعملاً .

9- الموازنة التخطيطية :
 وهي ترجمة تقديرية رقمية للخطة توضع على هيئة كشف يشمل التقديرات العينية والمالية والنقدية لكافة المواد والاستخدامات ومختلف النتائج التي سوف تسفر عنها البرامج خلال فترة معينة . ( الصباب ، 1993 ، ص 104 )
يقول تعالى : ﴿ وَقالَ المَلِكُ إِنّي أَرى سَبعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأكُلُهُنَّ سَبعٌ عِجافٌ وَسَبعَ سُنبُلاتٍ خُضرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا المَلَأُ أَفتوني في رُؤيايَ إِن كُنتُم لِلرُّؤيا تَعبُرونَ﴿٤٣ قالوا أَضغاثُ أَحلامٍ وَما نَحنُ بِتَأويلِ الأَحلامِ بِعالِمينَ﴿٤٤ وَقالَ الَّذي نَجا مِنهُما وَادَّكَرَ بَعدَ أُمَّةٍ أَنا أُنَبِّئُكُم بِتَأويلِهِ فَأَرسِلونِ ﴿٤٥ يوسُفُ أَيُّهَا الصِّدّيقُ أَفتِنا في سَبعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأكُلُهُنَّ سَبعٌ عِجافٌ وَسَبعِ سُنبُلاتٍ خُضرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلّي أَرجِعُ إِلَى النّاسِ لَعَلَّهُم يَعلَمونَ ﴿٤٦قالَ تَزرَعونَ سَبعَ سِنينَ دَأَبًا فَما حَصَدتُم فَذَروهُ في سُنبُلِهِ إِلّا قَليلًا مِمّا تَأكُلونَ ﴿٤٧ ثُمَّ يَأتي مِن بَعدِ ذلِكَ سَبعٌ شِدادٌ يَأكُلنَ ما قَدَّمتُم لَهُنَّ إِلّا قَليلًا مِمّا تُحصِنونَ ﴿٤٨ ثُمَّ يَأتي مِن بَعدِ ذلِكَ عامٌ فيهِ يُغاثُ النّاسُ وَفيهِ يَعصِرونَ  [ يوسف : 43 - 49 ] ، ثم قال تعالى على لسان نبيِّه يوسف عليه السلام : ﴿ قالَ اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ [ يوسف : 55 ] . فهذه الآيات تعتبر أول موازنة تخطيطية مبنية على أسس علمية ، وازن فيها يوسف عليه السلام بين إنتاج وتخزين واستهلاك القمح في مصر الفرعونية مدة سنوات القحط وسنوات الرخاء ، وتتضح أركان هذه الموازنة التخطيطية فيما يلي
1-  الموازنة بين الإنتاج الزراعي والاستهلاك بهدف تخطي أعوام القحط والجدب
2-  اتضاح عنصر الزمن من عدد سنوات القحط والرخاء ؛ إذ تم إعداد خطتين سبعيتين للدولة
3-  إيراد كلمات تدل على عنصر الكم منها : ﴿ ما ، ﴿ قَليلًا .
4-  وجود عنصر القيمة ، ويدل عليه نظام المقايضة الذي كان معمولاً به في ذلك العصر .
5-  اعتبار هذه الموازنة بمثابة خطة طويلة الأجل ، امتدت أربعة عشر عاماً
6-  الاهتمام بالشورى ومشاركة الأفراد من المستويات المختلفة في إعداد تلك الخطة ، ويشير إلى هذا الاهتمام أسلوب الخطاب بصيغة الجمع المستخدم في الآيات .
7-  استخدام الموازنة أداةً رقابيةً لتنفيذ الخطة بدقة
8-  توفير الحوافز ، حيث أنهى تعبير الرؤيا ببشرى انفراج الأزمة في السنة الخامسة عشرة .


رابعاً : مراحل التخطيط الإسلامي : ( المزجاجي ، 2000 ، ص 162 )
1-    الإعداد :
تعتبر هذه المرحلة من المراحل الأساسية للخطة ، حيث يتم فيها البرنامج الزمني للخطة في تسلسل منطقي وفق الأولويات والأهمية ، وذلك بعد تحديد الأهداف ، وجمع المعلومات والبيانات وتحليلها ووضع الافتراضات . ( زكي ، 2004 ، ص 233 )
وتعتبر مرحلة إعداد الخطة في الإدارة الإسلامية هي فترة تكوين الخطة ، وتعتمد على العناصر التالية :
أ‌-  تحديد المشكلة .
ب‌-  جمع المعلومات عنها بدقة .
ج‌- دراستها وتحليلها .
د‌- إقرار الخطة بعد حصول القائد على المشورة السليمة .
فهذه العناصر تؤكد على أن القرار – أياً كان نوعه – في الإدارة الإسلامية هو أبعد ما يكون عن الارتجال والعشوائية ، وهذا ما قام به المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع قراراته المدنية والعسكرية ، وسار على نهجه صحابته الأبرار رضي الله عنهم ، كأبي بكر في قرار التصدي للمرتدين ومانعي الزكاة وتأديبهم ، وكذلك عمر الذي اعتاد أن يحصي الناس عدداً ، ويعلم عن أوضاعهم وأعمارهم قبل قرار توزيع العطاءات عليهم ، وهكذا دواليك .
2-    التنفيذ :
وهي مرحلة تلي مرحلة الإعداد بعد مراجعتها ، وفيها يتم تنفيذ الخطة في الوقت المحدد بعد أن يتم تبليغها للعاملين والإعلان عن أهدافها ، وما يسند إليها من الأعمال ، وفيها يتم توزيع المسؤوليات على العاملين ، ووضع معايير محددة للأداء ، وتكوين لجان للمتابعة على الأعمال ، ومراجعة الأهداف بصفة دورية للتأكد من مدى تكيفها مع الأوضاع المتغيرة ، وتعتبر مرحلة التنفيذ من أهم مراحل العملية إذ أن بطء تحقيق الأهداف أو فشلها إنما يعود على الأساس إلى التنفيذ ؛ فمهما كانت الخطة رصينة ومستوفية لأغلب شروطها ، فإن جهاز التنفيذ قد يحيلها إلى إجراءات روتينية لا تمت إلى التخطيط بشيء . ( زكي ، 2004 ، ص 240 ) .
ونجد مرحلة التنفيذ في الإدارة الإسلامية تعتبر الجانب التطبيقي للخطة ، وذلك من خلال الأحكام ( التنظيمات ) التي توصل إليها القائد عندما كانت الخطة مشروعاً ، ولا تقف مرحلة التنفيذ عند حد العمل بموجب الخطة فقط ، إنما تتضمنها مجموعة من التعليمات والنصائح التي يوجهها القائد باستمرار إلى فريق العمل في الجهاز الإداري ؛ لضمان التنفيذ الجيد بأعلى قدر ممكن من النجاح ، ومن ذلك خروج أبي بكر رضي الله عنه خلف القائد العسكري أسامة بن زيد رضي الله عنه ليس لتوديعه فحسب ، بل لتزويده أيضاً بالنصائح والإرشادات التي حثه على التقيد بها من أجل إنجاح الخطة ، وفيها قال رضي الله عنه : " لا تخونوا ، ولا تغلوا ، ولا تغدروا . . . " ، وكذلك فعل مع خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وغيرهم من القادة العسكريين ، وما ينطبق على الجانب العسكري ينسحب أيضاً على الجوانب الأخرى الإدارية والمالية والاجتماعية وغيرها .
3-    التقييم :
يقصد بمرحلة التقييم مقارنة النتائج المحققة فعلاً بالأهداف المرصودة في الخطة ، وعملية التقييم حركة مستمرة ومصاحبة لتدفق الأعمال في توافق زمني مناسب يسمح للإدارة التأكد من سلامة الأساليب والإجراءات المتبعة في تحقيق الأهداف ، والتعرف على الانحرافات للأهداف وتحديد أسبابها بهدف تصحيحها ، والتعرف أيضاً على الأهداف التي تجاوزت التحقيق ، كما أن هذه المرحلة توفر معلومات مهمة ودقيقة في إدخال التعديلات عند وضع الخطط القادمة . ( زكي ، 2004 ، ص 241 )  

وفيها يتم فحص العملية الإدارية لمعرفة ما إذا تمت بطريقة صحيحة أو غير صحيحة ، وذلك من خلال متابعة القائد ومعاونيه لجميع الممارسات الإدارية التي قام بها الجهاز الإداري ؛ للتأكد من أنها تسير وفقاً لما رسم لها . وفي هذه المرحلة أيضاً تتم عملية مقارنة الأهداف التي تحققت بالأهداف الموضوعة سلفاً في الخطة ؛ للتأكد من الوصول إلى الأغراض المتفق عليها ، وهذا يتم في جميع الشؤون العسكرية والمدنية والإدارية وغيرها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق